للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه ذلك، ويجب عليه ردها، والتسوية بينهم كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- "في قصة النعمان بن بشير لمّا نحله أبوه نِحْلَةً، فقالت أمه: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، فأتاه فأخبره، فقال: كل أولادك أعطيت مثل هذا؟ فقال: لا. فقال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"، وفي لفظ آخر: "لا تشهدني على جور"١، قال النعمان: فرد أبي تلك العطية. وهذا مذهب الإمام أحمد، وغيره، وهو الصواب.

[القيام للأمراء والعلماء وأهل الفضل]

(المسألة السابعة): ما تقولون في القيام في وجوه الأمراء، والعلماء، وأهل الفضل كما يفعله أهل فارس، والروم، وبعض المطاوعة يفتون أن القيام جائز في حق العلماء، وأهل الفضل؟

(الجواب): إنه لا يجوز القيام للعلماء، ولا الأمراء بحيث يتخذ ذلك عادة وسنة، بل ذلك من فعل أهل الجاهلية، والجبابرة كملوك فارس، والروم وغيرهم؛ فإنهم كانوا يفعلون ذلك مع عظمائهم، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من أحب أن يتمثل له الرجال قياما، فليتبوأ مقعده من النار"٢، وفي حديث آخر عن أنس بن مالك قال: "لم يكن أحد أحب إليهم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني: الصحابة، وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهته لذلك"٣.

وثبت في صحيح مسلم، وسنن أبي داود عن جابر قال: "اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلينا وراءه قياما وهو قاعد، وأبو بكر يسمعنا تكبيره، فالتفت إلينا فإذا نحن قيام، فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصلاته قعودا. فلما سلم قال: إن كنتم لتفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم، وهم قعود، فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم: إن صلوا قياما فصلوا قياما، فإن صلوا قعودا فصلوا قعودا"٤.


١ البخاري: الشهادات (٢٦٥٠) , ومسلم: الهبات (١٦٢٣) , والنسائي: النحل (٣٦٨١ ,٣٦٨٢ ,٣٦٨٣) , وأحمد (٤/ ٢٧٣).
٢ الترمذي: الأدب (٢٧٥٥) , وأبو داود: الأدب (٥٢٢٩).
٣ الترمذي: الأدب (٢٧٥٤).
٤ مسلم: الصلاة (٤١٣) , والنسائي: السهو (١٢٠٠) , وأبو داود: الصلاة (٦٠٢ ,٦٠٥) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٤٠) , وأحمد (٣/ ٣٣٤ ,٣/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>