والرّواية الثّانية: أنّه لا حقّ له فيه بحالٍ. نصّ عيله. ثم قال: إن أخذه أحد الرّعية بهبةٍ أو سرقةٍ أو بغير شيء فصاحبه أحقّ به. وقال أبو حنيفة: لا يأخذه إلّا بالقيمة وهو محجوج بحديث ناقة النَّبِيّ -صلّى الله عليه وسلّم-. ولأنّه لم يحصل في يده بِعَوَضٍ. انتهى.
قلت: فتأمّل قول إمام مذهبنا: ولأنّه لم يحصل في يده بعِوَضٍ، وتأمّله قوله فيما تقدم: لئلا يفضي إلى حرمان مَن أخذه من الغنيمة، أو تضييع الثّمن على المشتري من الغنيمة. فتأمّل هذا التّعليل يظهر لك منه الدّليل؛ إذ لا فرق بين أن يشتريه من الغنيمة أو من بعض أسواق المسلمين. وهذا واضح بحمد الله.
وما نقلته من الشّرح الكبير نقله الخطابي في شرح السّنن عن هؤلاء الأئمة وبالله التّوفيق.
وقال في الاختيارات: وما باعه الإمام من الغنيمة أو قسمه وقلنا لم يملكوه ثم عرفه ربّه فالأشبه أنّ المالك لا يملك انْتزاعه من المشتري مجانًا؛ لأنّ قبض الإمام بحقّ ظاهرًا وباطنًا، ويشبه هذا ما يبيعه الوكيل والوصي ثم يتبيّن مودعًا أو مغصوبًا، وهي قاعدة في كلّ مَن قبض مال الغير وهو لا يعلم به إما من مباحٍ أو من مغصوبٍ، أو من راهنٍ. انتهى. وقال في القواعد: كالمأذون له. انتهى.
وقال الشّيخ أحمد بن يحيى بن عطوة شيخ صاحب الإقناع: إذا اشتريت دابّة ونحوها من ظالمٍ وهو غاصبها ثم عرفها ربّها ثم نزعها بحجّةٍ شرعيةٍ رجع المشتري عليه بالثّمن. صرّح بذلك أبو العبّاس فيمَن خلص مال غيره من التّلف. إذا لم يقدر على تخليصه إلّا بما أدّى عنه رجع به واضح قولي العلماء؛ لأنّ ما خلص الدّابة إلّا دراهم المغرور، لقول -صلّى الله عليه وسلّم-: "لا ضرر ولا ضرار". ولا يزال ضرر صاحب الدّابة يضرّ المبتاع فيردّ عليه الذي