خلصها به وهو الثّمن الذي أسلمه للظّالم على الصّحيح.
قال الشيّخ إسماعيل بن رميح في تحفته:(فائدة جليلة) فيمَن خلص مال غيره من التّلف إذا لم يمكن تخليصه إلّا بما أدّى عنه رجع بما أدّى عنه في أظهر قولي العلماء. وذكره أبو العبّاس، وكذا معاوضة الرّاعي ببعض المسترعى عليه خوفًا من ذهاب الجميع جاز ذلك ووجب دفع أعلى الضّررين بأدناهما. وما بقي كان بينهم، ولو كان الملّاك لم يفعلوا إلّا هذا وإلّا عدّوا سفهاء. وأمّا أبو العبّاس فقال: من صودر على مال فأكره أقاربه أو أصدقاؤه فأدّوا عنه فلهم الرّجوع؛ لأنّهم ظلموا الأجلة. انتهى.
فعلى هذا، إذا اشتريت دابّة من غاصبها ثم عرفها مالكها عند المشتري المغرور، رجع بالذي خلصها به من الغاصب على مالكها، وقد ذكر في الإقناع كلام أبي العبّاس المذكور. وقال الشّهاب بن عطوة في روضته: قال شيخنا: فيمن وقف وقفًا وأشهد عليه وباعه على رجلٍ لم يعلم بالحال أنّ الوقف باطل والحالة هذه غير لازم بل يحكم الحاكم ببطلان الوقف مراعاة وحفظًا لمال المغرور، ولو فتح هذا الباب لتسلّط كلّ مكار وظالم على أموال المسلمين، واتّسع فتق لا يرقع، وفتح قلبه لذلك كلّ شيطانٍ لا يشبع، ويأبى الله ورسوله أن يجمع لهذا المخادع مال المبيوع ودراهم المخدوع، وقد أكذب نفسه وشهوده وبيّنته، فإذا شهدوا بالوقف وأنّه قد وقفه ثم أنّه قد باعه فكما قال الواقف فهي تكذبه، وهو يكذبها، فإذا شهدت البيّنة بالوقف فقد أكذبها بالبيع فبطلت وهو كذلك، ولا حيلة ولا ظلم ولا خديعة ولا غشّ بأكبر ولا أعظم من رجلٍ وقف أو وهب ماله لأقرب قرابته سرًا خفيًا ثم يبيعه على مسلمٍ غرّ ثم ينصب لذلك شهودًا وقضاة ينصرونه على ذلك لا كثّر الله منهم. انتهى.