وقال أبو الخطاب: ظاهر كلام أحمد أنّهم لا يملكونه، يعنِي: ولو حازوه إلى دراهم. قال في الإنصاف: وهي رواية عن أحمد اختارها الآجري وأبو الخطاب في تعليقه وابن شهاب وأبو محمّد الجوزي وجزم به ابن عبدوس في تذكرته. قال في النّظم:
لا يملكونها في الأظهر
وذكر ابن عقيل في فنونه ومفرداته روايتين، وصحّح فيها عدم الملك، وصحّح في نهاية ابن رزين ونظمها. انتهى.
قال في الشّرح: وهو قول الشّافعي وابن المنذر لحديث ناقة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-؛ ولأنّه مال معصوم طرأت عليه يد عادية فلم يملك بها كالغصب. ولأنّ مَن لا يملك رقبة غيره لا يملك ماله به، أي: بالقهر، كالمسلم مع المسلم.
ووجه الأولى: أنّ القهر سبب يملك به المسلم مال الكافر، فيملك به الكافر مال المسلم كالبيع، فعلى هذا يملكونها قبل حيازتها إلى دراهم. وهو قول مالك.
وذكر القاضي أنّهم إنّما يملكونها بالحيازة إلى دراهم. وهو قول أبي حنيفة. وحكي عن أحمد في ذلك روايتان. قال ابن رجب: ونصّ أحمد أنّهم لا يملكونها إلّا بالحيازة إلى دراهم. فعليها يمتنع ملكهم لغير المنقول كالعقار ونحوه؛ لأنّ دار الإسلام ليست لهم دارًا وإن دخلوها، لكن ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- أنّ أحمد لم ينصّ على الملك؛ ولا على عدمه، وإنّما نصّ على أحكام أخذ منها ذلك. قال: والصّواب أنّهم يملكونها مقيدًا لا يساوي أملاك المسلمين من كلّ وجهٍ. انتهى.
قلت: قد صرّح في كتاب الصّارم والفتاوى المصرية وغيرها أنّ القيد المشار إليه هو إسلام آخذها. ونصّه: ولو أسلم الحربي وبيده مال مسلمٍ، قد أخذه من المسلمين بطريق الاغتنام ونحوه كان له ملكًا ولم يردّه إلى الذي