كان يملكه عند جماهير العلماء من التّابعين ومن بعدهم، وهو معنى ما جاء عن الخلفاء الرّاشدين، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك ومنصوص أحمد -رحمهم الله-. وهو قول جماهير أصحاب أحمد بناء على أنّ الإسلام والعهد قرّر ما بيده من المال الذي كان يعتقده ملكًا له فلم يؤخذ منه كجميع ما بيده من العقود الفاسدة التي كان يستحقّها. قال في الاختيارات: قال أبو العبّاس: وهذا يرجع إلى أنّ كلّ ما قبضه الكفّار من الأموال قبضًا يعتقدون جوازه فإنّه يستقرّ لهم بالإسلام. قال: ومن العلماء مَن قال يرده على مالكه المسلم، وهو قول الشّافعي وأبي الخطاب بناء على أنّ اغتنامهم فعل محرّم ولا يملكون به مال المسلم؛ كالغصب؛ ولأنّه لو أخذه منهم المسلم أخذًا لا يملك به مسلم من مسلم؛ بأن يغنمنه أو يسرقه فإنّه يرد إلى مالكه المسلم لحديث ناقة النَّبِيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وهو مما اتّفق النّاس فيما نعلمه. ولو كان قد ملكوه لملكه الغانم منهم ولم يرد إلى مالكه. انتهى. واختار أنّ الكافر يملكه بالإسلام عليه.
أقول: تأمّل ما ذكره شيخ الإسلام من حجّة الشّافعي وموافقيه على أنّ الكفّار لا يملكون أموال المسلمين فلو كان الكافر يملك مال المسلم بالاستيلاء أو بالحيازة إلى داره لم يردّ النَّبِيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على ابن عمر عبده وفرسه التي كان أخذها العدوّ لما ظهر عليهم المسلمون، فلو لم يكن باقيًا على ملك ابن عمر لم يرد إليه وليس لتخصيصه بذلك دون سائر الغانمين معنى غير ذلك. وعمل بذلك أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعده، والأحاديث في ذلك مشهورة في كتب الأحكام وغيرها.
قال البخاري -رحمه الله- في صحيحه:(باب إذا غنم المسلمون مال مسلم ثم وجده المسلم)، قال ابن نمير: حدّثنا