للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يكن ميته كالمغصوب. انتهى. قال السّائل: وهل هذا إلّا مغصوب ويعارضه حديث عاصم بن كليب عن أبيه ... الخ؟

الجواب: لا معارضة؛ إذ ترك رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه الأكل منها لا يدلّ على أنّها ميتة من وجوه:

منها: أنّها ليست ملكًا لهم، ولا لِمَن ذبحها فهي وإن حرمت عليهم فلا تحرم على مالكها، ولا مَن أذن له مالكها في الأكل منها، ويحتمل أنّه ترك الأكل منها تنَزُّهًا. ويدلّ على حلّها بهذه الذّكاة قوله: "أطعميه الأسارى". وهو لا يطعمهم ميتة. وقوله: كالمغصوب، راجع لقوله: حلّ، لا لقوله: ميتة شبه بذح الحيوان المغصوب في الحلّ لا في الحرمة. والله أعلم.

المسألة الحادية عشرة: إذا كان لإنسان على آخر دَين من طعامٍ أو نحوه فأشفق في الوفاء فطلب غريمه أن يعطيه الثّمرة عن ماله في ذمّته فهل يجوز ذلك أم لا؟

فالجواب -وبالله التّوفيق-: قال البخاري -رحمه الله- في صحيحه: (باب إذا قاص أو جازفه في الدَّين فهو جائز). زاد في رواية كريمة: تمرًا بتمرٍ، أو غيره. وساق حديث جابر -رضي الله عنه- أنّ أباه توفي وترك عليه ثلاثين وسقًا لرجلٍ من اليهود فاستنظره جابر فأبَى ينظره، فكلّم جابر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ليشفع له إليه فجاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فكلّم اليهود ليأخذ تمر نخله بالذي له فأبى ... الحديث. وبه استدلّ ابن عبد البرّ وغيره من العلماء -رحمهم الله- على جواز أخذ الثّمر على الشّجر عمّا في الذّمّة إذا علم أنّه دون حقّه إرفاقًا بالمدين، وإحسانًا إليه، وسماحة بأخذ الحقّ ناقصًا وترجم البخاري -رحمه الله- بهذا الشّرط فقال: (إذا قضى دون حقّه أو حلّله فهو جائز). ساق

<<  <  ج: ص:  >  >>