للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث جابر -رضي الله عنه- أيضًا.

فأمّا إذا كان يحتمل أنّه دون حقّه أو مثله أو فوقه، فهذا غير جائزٍ أن يأخذ عمّا في الذّمّة شيئًا مجازفة، أو خرصًا لاسيما إذا كان دَين سلم. لما روى البخاري وغيره عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "مَن أسلف في شيءٍ فليسلف في كيلٍ معلومٍ أو وزنٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلومٍ". ومضمون هذا الحديث عام. وبه أخذ الجمهور. وقد يقال: إنّ قضيّة جابر قضية عينٍ لا عموم لها. ويترجّح المنع سدًّا للذّريعة لاسيما في هذه الأوقات لكثرة الجهل والجراءة بأدنَى شبهة. والله أعلم.

المسألة الثّانية عشرة: ما حكم الباطل والفاسد عند أهل الأصول الخ؟

الجواب: هما مترادفان عند الأصوليّين والفقهاء من الحنابلة والشّافعية. وقال أبو حنيفة: إنّهما متباينان؛ فالباطل عنده: ما لم يشرع بالكلّيّة؛ كبيع المضامين والملاقيح. والفاسد؛ ما شرع أصله ولكن امتنع لاشتماله على وصفٍ محرّمٍ؛ كالرّبا. وعند الجمهور كلّ ما كان منهيًّا عنه إمّا لعينه أو وصفه ففاسد وباطل، لكن ذهب بعض الفقهاء من الحنابلة إلى التّفرقة بين ما أجمع على بطلانه وما لم يجمع عليه، فعبّروا عن الأوّل بالباطل وعن الثّاني بالفاسد ليتميّز هذا من هذا، لكون الثّاني تترتّب عليه أحكام الصّحيح غالبًا، أو أنّهم قصدوا الخروج من الخلاف في نفس التّعبير؛ لأنّ من عادة الفقهاء من أهل المذاهب -رحمهم الله تعالى- مراعاة الخروج من الخلاف. وبعضهم يعبّر بالباطل عن المختلف فيه مراعيًا للأصل. ولعلّ مَن فرّق بينهما في التّعبير لا يمنع من تسمية المختلف فيه باطلًا فلا اختلاف.

ومثل ذلك: خلافهم في الفرض والواجب. قال في القواعد الأصولية: إنّهما مترادفان شرعًا في أصحّ الرّوايتين عن أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>