وليراه طريحًا ببابه لائذًا بجنابه منكسر القلب بين يديه، فهذا من حيث المصائب الدّنيوية.
وأمّا ما جرى عليكم فأنتم به بالتهنئة أجدر من التّعزية، كيف وقد نالكم من الأذى والتّطريد كما نال الرّسل وأتباعهم، فهذا سيّد المرسلين غير خافٍ ما جرى عليه، وتطرق من الأذى إليه، فنسأل الحيّ القيّوم الذي لا تأخذه سنة أن يجعل لنا ولكم فيه أسوة حسنة، ولعمر الله إنّ مَن سلم دِينه فالمحن في حقّه منح، والبلايا عطايا، والمكروهات له محبوبات إلى غير ذلك.
وأمّا المصيبة والخطاب الأكبر والكسر الذي لا يجبر والعثار الذي لا يقال، فهي المصيبة في الدِّين كما قيل:
من كلّ شيءٍ إذا ضيعته عوض ... وما من الله إن ضيعته عوض
وقد مضت عادة أحكم الحاكمين لِمَن أراد به خيرًا وإمامة في الدِّين أن يقدّم له الابتلاء بين يدي ذلك. قال تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ}، [السّجدة: ٢٤].
خاتمة: روى الإمام أحمد والطّبرانِي عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "طوبَى للغرباء"، قلنا: ومَن الغرباء؟ قال:"قوم صالحون قليل في قومٍ سوءٍ كثيرٍ مَن يعصيهم أكثر مِمَّن يطعيهم". وفي لفظٍ: قيل: ومَن الغرباء؟ قال:"الفرّارون بدِينهم يبعثهم الله مع عيسى بن مريم عليه السّلام". كذا ورد في بعض طرق الحديث المشهور. وعن ابن مسعود قال: سَمِعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: "سيأتي النّاس زمان لا يسلم لذي دِينٍ دِينُهُ إلّا مَن فرَّ بدِينه من قريةٍ إلى قريةٍ، ومِن شاهقٍ إلى