شاهقٍ، ومِن جحرٍ إلى جحرٍ كالثّعلب". قيل: ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال: "إذا لم تنل المعيشة إلّا بمعاصي الله" الحديث. وروى الطّبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "إنّ لكلّ شيءٍ إقبالًا وإدبارًا، وإنّ لهذا الدِّين إقبالًا وإدبارًا، وإنّ من إدبار الدِّين ما كنتم عليه من العمى والجهالة وما بعثني به، ومن إقبال الدِّين أن تفقه القبيلة بأسرها حتّى لا يوجد فيها إلّا الفاسق والفاسقان، فهما مقهوران ذليلان إن تكلّما قمعا وقهرا واضطهدا، ألا وإنّ من إدبار الدِّين أن تجفو القبيلة بأسرّها حتّى لا يوجد فيها إلّا الفقيه والفقيهان، فهما مقهوران ذليلان إن تكلّما فأمرا بمعروفٍ أو نهيا عن منكرٍ قمعا وقهرا واضطهدا فهما مقهوران ذليلان لا يجدان على الحقّ أعوانًا ولا أنصارًا". إلى غير ذلك مما لا تتّسع لذكره هذه الورقة. وما أحسن ما قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى:
قد عرف المنكر وأنكر الـ ... معروف في أيّامنا الصّعبه
صار أهل العلم في وهدة ... وصار أهل الجهل في رتبه
فقلت للأبرار أهل التّقى ... والدِّين لما اشتدّت الكربه
لا تنكروا أحوالكم قد أتت ... نوبتكم في زمن الغربه
يشير إلى قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: "بدأ الإسلام غريبًا" الخ.
وصلّى الله على محمّدٍ وعلى آله وصحبه وسلّم تسليمًا كثيرًا.