أمّا أنّه ما يذهب الإسلام ولكن يذهب أهل السّنة حتّى ما يبقى في البلد منهم إلّا رجلٌ واحدٌ أو رجلان. رواه البخاري عن مرداس السّلمي -رضي الله عنه-. قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "يذهب الصّالحون الأوّل فالأوّل ويبقى حثالة كحثالة الشّعير أو التّمر لا يباليهم الله باله". وكان الحسن البصري يقول لأصحابه: يا أهل السّنة ترفقوا - رحمكم الله - فإنّكم من أوّل النّاس، وقال يوسف بن عبيد ليس شيء أغرب من السّنة، وأغرب منها من يعرفها.
وروى أبو القاسم الطّبراني وغيره بإسنادٍ فيه نظر من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول:"المتمسّك بسنّتِي عند اختلاف أمّتِي له أجر شهيدٍ".
وروى مسلم في صحيح عن معقل بن يسار أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال:"العبادة في الهرج كهجرة إلِيَّ". وعن الحسن البصري -رحمه الله تعالى-: لو أنّ رجلًا من الصّدر الأوّل بعث ما عرف من الإسلام شيئًا إلّا هذه الصّلاة، ثم قال: أمّا والله لئن عاش على هذه المنكرات فرأى صاحب بدعة يدعوا إلى بدعته وصاحب دنيا يدعو إلى دنياه فعصمه الله، وقلبه يحن إلى ذلك السّلف ويتّبع آثارهم ويستنّ بسنّتهم ويتّبع سبيلهم كان له أجرٌ عظيمٌ.
وروى المبارك بن فضالة أحد علماء الحديث بالبصرة عن الحسن البصري أنّه ذكر الغني المترف الذي له سلطان يأخذ المال ويدّعي أنّه لا عقاب فيه، وذكر المبتدع الضّال الذي خرج على المسلمين، وتأوّل ما أنزل الله في الكفّار على المسلمين ثم قال: سنّتكم والله الذي لا إله إلّا هو بينها وبين الغالي والجافي والمترف والجاهل فاصبروا عليها. فإنّ أهل السّنة كانوا أقلّ النّاس الذين لم يأخذوا مع أهل الأتراف في أترافهم ولا مع أهل البدع أهواءهم وصبروا على سنّتهم حتّى أتوا ربّهم فكذلك فكونوا إن شاء الله، ثم قال: والله لو أنّ رجلًا