أدرك هذه المنكرات يقول هذا هلم إليّ، ويقول هذا: هلم إليّ، فيقول: لا أريد إلّا سنة محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- يطلبها ويسال عنها أنّ هذا له أجرٌ عظيمٌ، فكذلك فكونوا إن شاء الله تعالى، وعن مورق -رحمه الله- قال المتمسّك بطاعة الله إذا جنب النّاس عنها كالكارّ بعد الفارّ. قال أبو السّعادات بن الأثير في النّهاية: أي: إذا ترك النّاس الطّاعات ورغبوا عنها كان المتمسّك بها له ثواب كثواب الكارّ في الغزو بعد أن فرّ النّاس عنه.
فصل: ولنذكر طرفًا مما في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر إذ له تعلّق بما تقدّم. قال الله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، [آل عمران: ١٠٤].
وقال تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، [آل عمران: من الآية: ١١٠].
وقال تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، [التّوبة، من الآية: ٧١].
وقال تعالى:{أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}، [الأعراف، من الآية: ١٦٥]. والآيات في هذا الباب كثيرة.
وروى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول:"مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". وروى مسلم أيضًا عن ابن مسعود قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "ما من نبِيٍّ بعثه الله في أمّةٍ قبلي إلّا كان له من أمّته حواريّون وأصحاب يأخذون بسنّته ويقتدون بأمره ثم إنّها تخلف من بعدهم خلوف يقولون