على المشهور المختار للأصحاب؛ لإجماع العلماء كما حكاه ابن المنذر على جوازها في السّلم مع النّهي عن بيع الطّعام قبل قبضه.
المسألة الرّابعة: إذا قلنا إنّه ليس إلّا الرّدّ والإمساك في المعيب كما هو رواية عن أحمد ومذهب أبي حنيفة، وكان ظهور العيب بموضع ضرورةٍ كالمسافر على الدّابّة وراكب السّفينة فهل يتعيّن الأرش في هذه الحال على هذا القول حضر البائع أو غاب؟
الجواب: لا ريب أنّ القائلين بهذا القول كأبي حنيفة والشّافعي وأبي العبّاس يقيّدونه بما إذا لم يتعذر ردّه، لكن الذي يظهر من كلامهم أنّ ما ذكرته في السّؤال ليس من صور التّعذّر الذي عنوه، وإنّما الذي أرادوه كعتق العبد وإعتاقه وقتله وموته ونحو ذلك مما ييأس معه من الرّدّ غير عالمٍ بعينه. أمّا ما ذكرته فلا يظهر أنّه تعذر ولا يوصف بموضع الضّرورة؛ لاندفاعه بالإمساك مجانًا لاسيما واللّزوم والجواز عارض، ثم رأيت بعض القائلين بهذا القول صرّح في كتابه باعتبار اليأس من الرّدّ وانحصار أسبابه يستحقّ معها الأرش في ثلاثة أمور. فقال: ولغير مقصر أيس من ردّ بتلف ونكاح وتعيب لا بيع أرش. انتهى. قال الشّارح: قوله: أرش مبتدأ خبره: ولغيره مقصر أيس، ويجوز أن يجعل قوله: أرش فاعلًا لفعلٍ مقدّرٍ دلّ عليه قوّة الكلام، وأيس صفة لغير، والمعنى: ويثبت لغير مقصر في أداء المعيب أرش، وأفاد انحصار الأسباب في الأمور الثّلاثة. انتهى من بعض كتب الشّافعية. وقوله: لا بيع، جرى على أحد القولين عندهم من أنّ البيع لا يحصل به اليأس من ردّ المعيب؛ لأنّه ربّما عاد، والقول الثّاني لهم أنّ البيع أثر رابع يحصل به اليأس كالتّلف والنّكاح والتّعيب.