إذا تقرّر لك ما ذكرناه فاعلم أنّه إن كان من التزام ما لا يلزم أن يقوى عندنا من المذهبين في هذه المسألة ما عليه جماهير أصحاب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- من القول بالأرش مع الإمساك مطلقًا، أو الرّدّ سواء أمكن الرّدّ أو تعذّر؛ لأنّه أمكن تقرير العقد من غير ضررٍ. قال في الشّرح الكبير: ولأنّه ظهر على عيبٍ لم يعلم به فكان له الأرش كما لو تعيب عنده. اهـ. ولرضاء المتعاقدين على أنّ العوض في مقابلة المعوض فكلّ جزء من العوض في مقابلة جزء من المعوض ومع العيب فإنّه جزء فيرجع ببدله، وهو الأرش. انتهى من شرح المنتهى لمنصور.
وأجابوا عن حديث المصراة الذي استدلّ به المانعون من الإمساك مع الأرش سوى ما ذكروه بأنّ المبيع في المصراة ليس فيه عيب، وإنّما ثبت له الخيار بالتّدليس لا لفوات جزء كما في المعيب فلم يستحقّ شيئًا. اهـ. وحيث اختير الرّدّ على كلّ من المذهبين فإنّه لا يفتقر إلى حضور البائع كما لا يفتقر إلى رضاه، والمبيع بعد فسخ؛ لأنّه ذكره في المنتهى وغيره.
المسألة الخامسة: إذا طلقت المرأة وهي حامل فلمّا انقضت عدّتها بوضع الحمل تزوّجت ثم طلّقها الثّاني ولم تحض بعد طلاقته هل تعتدّ بثلاثة أشهر أم يصير حكمها حكم مَن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه؟
الجواب: صرح الفقهاء من الحنابلة والشّافعية بأنّ المعتدّة إذا علمت ما رفع حيضها من رضاعٍ، أو نفاسٍ، أو مرضٍ، أو خوفٍ، أو قحطٍ أو ضيق عيش وجوعٍ ونحو ذلك، فإنّها لا تزال في عدّة حتّى يعود الحيض فتعتدّ به، وإن طال الزّمن أو تباعدت الأقراء أو حتّى تصير إلى سنّ الإياس فتعتدّ عدّة الآيسة. نصّ عليه الإمام أحمد في رواية صالح وأبي طالب وابن