للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبارك وتعالى بصفاته التي نطق بها كتابه وتنْزيله، وشهد له رسوله صلى الله عليه وسلم على ما وردت به الأخبار الصحاح، ونقله العدول الثقات، ولا يعتقدون به تشبيها بصفات خلقه، ولا يكيفونها تكييف المشبهة، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه تحريف المعتزلة والجهمية.

وقد أعاذ الله أهل السنة من التحريف والتكييف، ومَنَّ عليهم بالتفهيم والتعريف، حتى سلكوا سبيل التوحيد والتنْزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واكتفوا بنفي النقائص بقوله عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشّورى من الآية: ١١].

وبقوله: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: ٣ - ٤].

وثبت عن الحميدي شيخ البخاري، وغيره من أئمة الحديث أنه قال: أصول السنة فذكر أشياء وقال: وما نطق به القرآن والحديث مثل: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة من الآية: ٦٤]، ومثل: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزّمر من الآية: ٦٧]، وما أشبه هذا من القرآن والحديث، لا نرده ولا نفسره، ونقف على ما وقف عليه القرآن والسنة ونقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥]؛ ومن زعم غير هذا فهو جهمي.

فمذهب السلف -رحمة الله عليهم- إثبات الصفات، وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها، لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، يحتذى فيه حذوه، فكما أن إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية ولا تشبيه ١، وعلى هذا مضى السلف كلهم. ولو ذهبنا نذكر ما اطلعنا عليه من كلام السلف في ذلك لطال الكلام جدا.

فمن كان قصده الحق وإظهار الصواب اكتفى بما قدمناه، ومن كان قصده الجدال والقيل والقال لم يزده التطويل إلا الخروج عن سواء السبيل والله الموفق.


١ أي فكذلك الصفات إثباتها إثبات وجود لا كيفية ولا تشبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>