للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استحالة خلو النصوص وآثار السلف مما يجب في الصفات]

وقد بعث الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليخرج: {النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم من الآية: ١]، وشهد له بأنه بعثه داعيا إليه بإذنه، وسراجا منيرا؛ وأمره أن يقول: {هذه سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف من الآية: ١٠٨].

ومن المحال في العقل والدين أن يكون السراج المنير الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وأنزل معه الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وأمر الناس أن يردوا ما تنازعوا فيه من دينهم إلى ما بعث به من الكتاب والحكمة، وهو يدعو إلى الله، وإلى سبيله بإذن ربه على بصيرة، وقد أخبر الله تعالى بأنه قد أكمل له ولأمته دينهم، وأتم عليهم نعمته، محال -مع هذا وغيره- أن يكون قد ترك باب الإيمان بالله، والعلم به متلبسا مشتبها، ولم يميز ما يجب لله من الأسماء الحسنى، والصفات العلى، وما يجوز عليه، وما يمتنع عليه؛ فإن معرفة هذا أصل الدين، وأساس الهداية، وأفضل وأوجب ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس، وأدركته العقول، فكيف يكون ذلك الكتاب وذلك الرسول وأفضل خلق الله بعد النبيين لم يحكموا هذا الباب اعتقادا وقولا؟

ومن المحال -أيضا- أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أمته كل شيء حتى الخراءة، وقال: "تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك"١.

وقال فيما صح عنه أيضا: "ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينهاهم عن شر ما يعلم لهم"٢، وقال أبو ذر: لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

"قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم


١ ابن ماجه: المقدمة (٤٤) , وأحمد (٤/ ١٢٦).
٢ مسلم: الإمارة (١٨٤٤) , والنسائي: البيعة (٤١٩١) , وابن ماجه: الفتن (٣٩٥٦) , وأحمد (٢/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>