بغيرهما ولم يذكر في الفروع ولا في الإنصاف خلافًا. فدلّ على اعتبار الشّاهدين لاسيما والخلاف في عدم قبول الشّاهدين مشهور. والفقهاء يحكون الخلاف في قبول الشّاهدين وعدمه ولم يذكروا الشّاهد واليمين فدلّ على أنّه لا خلاف في عدم قبول الشّاهد مع اليمين. والله أعلم.
المسألة الرّابعة: ما صفة العدالة باطنًا؟ وهل يعتبر اليوم في الشّاهد ما ذكروه في صفة العدل من الشّروط أم لا؟
فالجواب: أنّه ليس مرادهم باطنًا معرفة ما في القلوب، فهذا أمر لا يعلمه إلّا الله. لكن مَن طالت صحبته لإنسان أو كثرت معاملته عرف من أحواله ما يستدلّ به على حسن باطنه. فهذا معنى العدالة في الباطن، ولهذا قالوا: يشترط في التّزكية خبرة المزكّي للشّاهد خبرة باطنة بصحبته ومعاملته ونحوهما.
قال في الشّرح: يحتمل أن يريد الأصحاب بما ذكروه أنّ الحاكم إذا علم أنّ المعدل لا خبرة له لم يقبل شهادته بالتّعديل كما فعل عمر -رضي الله عنه-، ويحتمل أنّهم أرادوا لا يجوز للمعدل الشّهادة بالعدالة إلّا أن تكون له خبرة باطنة، فأمّا الحاكم إذا شهد عنده العدل بالتّعديل فله أن يقبل الشّهادة من غير كشف، وإن استكشف الحال كما فعل عمر فحسن. انتهى.
قال الزّركشي: لا يقبل التّعديل إلّا مِمَّن له خبرة باطنة ومعرفة بالتّعديل والجرح غير متّهمٍ بعصبيةٍ ولا غيرها. قال: ومعنى الخبرة الباطنة كما جاء عن عمر -رضي الله عنه- أنّه أتى بشاهدين، فقال: لست أعرفكما ولا يضرّكما إن لم أعرفكما جيئا بِمَن يعرفكما، فأتيا برجلٍ فقال له عمر: أتعرفهما؟ قال: نعم. فقال عمر: صَحِبْتَهما في السّفر الذي يبين فيه جواهر النّاس؟ قال: لا.