قال: عَامَلتَهما في الدّنانير والدّراهم التي تقطع فيها الرّحم؟ قال: لا. قال: كُنْتَ جارًا لهما تعرف صباحهما ومساءهما؟ قال: لا. قال يا ابن أخي لسْتَ تعرفهما. جيئانِي بِمَن يعرفكما.
وأمّا اعتبار الصّفات المكذورة في كتب الفقهاء في الشّاهد فلا يمكن اعبتارها في هذه الأزمنة إذ لو اعتبرت لم يمكن الحكم بين النّاس. قال أبو العبّاس -رحمه الله- العدل في كلّ زمانٍ ومكانٍ وطائفة بحسبها فيكون الشّهيد في كلّ قومٍ مَن كان ذا عدل فيهم، وإن كان لو كان في غيرهم لكان عدلًا على وجهٍ آخر. وبهذا يمكن الحكم بين النّاس، وإلّا فلو اعتبر في كلّ طائفةٍ ألا يشهد عليهم إلّا مَن يكون قائمًا بأداء الواجبات وترك المحرمات كما كان الصّحابة لتعطلت الشّهادات كلّها أو غالبها.
وقال أبو العبّاس في موضعٍ آخر: إذا فسر الفاسق في الشّهادة بالفاجر أو بالمتّهم فينبغي أن يفرّق بين حال الضّرورة وعدمها، كما قلنا في الكافر. وقال في موضعٍ آخر: ويتوجّه أن تقبل شهادة المعروفين وإن لم يكونوا ملتزمين للحدود عند الضّرورة مثل: الجيش وحوادث البدو، وأهل القرية الذين لا يوجد فيهم عدل، وله أحوال منها شهادة أهل الذّمة في الوصيّة في السّفر إذا لم يوجد غيرهم، وشهادة بعضهم على بعضٍ في قول، وشهادة النّساء فيما لا يطّلع عليه الرّجال. انتهى. ويشهد لكلام الشّيخ -رحمه الله- ما ذكروه في القاضي إذا تعذرت عدالته.
وقد قال الشّيخ -رحمه الله-: الولاية لها ركنان: القوّة والأمانة. فالقوّة في الحكم ترجع إلى العلم بالعدل وتنفيذ الحكم، والأمانة ترجع إلى خشية الله. قال: وهذه الشّروط تعتبر حسب الإمكان ويجب تولية الأمثل فالأمثل.