من أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنّة والنّار وكيف خلاصه ثمّ يجيب، وعن أبي حنيفة أنّه سئل عن تسع مسائل فقال فيها لا أدري، وعن الأثرم سمعت أحمد بن حنبل يكثر أن يقول لا أدري وذلك لما عرف من الأقاويل انتهى ملخصًا.
ومن كان يهوى أن يرى متصدرًا ... ويكره لا أدري أصيبت مقاتله
إذا تم ذلك فلنرجع إلى المسائل المسؤول عنها:
(الأولى): تضمن السؤال عنها أن جماعتكم يكرون الأرض للزرع بطعام معلوم من جنس ما يخرج منها فأصاب الزّرع جائحة أذهبته أو بعضه وأنّك قلت للأمير يحط من الكراء قدر ما أذهبت الجائحة، فإن كان ذهب الزّرع كله فهل على العامل شيء من الكراء؟
(فالجواب): -وبالله التّوفيق- نذكر لك شيئًا من كلام الفقهاء لعل الحق يتبين لك، قال في المغني: أمّا إجارة الأرض بطعام معلوم من جنس ما يزرع فيها ففيه روايتان:
(إحداهما): المنع وهي قول مالك لما تقدم من الأحاديث.
(والثّانية): جواز ذلك وهو قول أبي حنيفة والشّافعي انتهى.
وأمّا قدر وضع الجائحة من الكراء فقال في المغني أيضًا: ومتى غرق الزّرع أو هلك بحريق أو جراد أو برد أو غير ذلك فلا ضمان على المؤجر ولا ضمان على المكتري نص عليه أحمد ولا نعلم فيه خلافًا، وهو مذهب الشّافعي؛ لأن التّالف غير المعقود عليه وإنّما تلف مال المكتري فيه فأشبه من اكترى دكانًا فاحترق متاعه فيه، ثمّ إن أمكن المكتري الانتفاع بالأرض بغير الزّرع أو بالزّرع في بقية المدة فله ذلك فالأجر لازم له؛ لأن تعذره لفوات وقت