فمن ذلك أبو بكر الصّديق اسمه عبد الله بن عثمان واتّفق العلماء على أنّه لقب الخير، ومن ذلك أبو تراب لقب علي بن أبي طالب وكنيته أبو الحسن، في الصّحيح أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وجده نائمًا في المسجد وعليه التّراب فقال:"قم أبا تراب" فلزمه هذا اللّقب الحسن الجميل وكان أحب أسماء علي إليه اهـ. فقد عرفت الفرق بين اللّقب الّذي يحبّه صاحبه واللّقب الّذي يكرهه صاحبه فإنّه ينهى عنه، قال الشّيخ تقي الدّين في جواب سائل سأله عن الألقاب.
(فصل): وأمّا الألقاب فكانت عادة السّلف الأسماء والكنى فإذا أكرموه كنوه بأبي فلان وتارة يكنون الرّجل بولده وتارة بغير ولده كما يكنون مَن لا ولد له إمّا بإضافة اسمه أو اسم أبيه أو ابن سميه أو إلى أمر له به تعلق كما كنَّى النَّبِيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عائشة باسم ابن أختها عبد الله، وكما يكنون داود أبا سليمان لكونه باسم داود الّذي اسم ولده سليمان، وكذلك كنَّي إبراهيم أبا إسحاق وكما كنَّى النَّبِيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أبا هريرة باسم هرة كانت تكون معه إلى أن قال ولا ريب أن الّذي يصلح معه الإمكان ما كان السّلف يعتادونه اهـ، فقد عرفت أنّ هذه الألقاب الّتي يكرهها صاحبها ليست من عادة السّلف وهم القدوة والخير في اتّباعهم والله أعلم. قال كاتب الأصل تاريخ الخط في شهر الله المحرّم ١٧ سنة ١٢٢٢ هـ.