أن يكون واجبا، فضلا عن أن يكون تركه ردة عن الإسلام. والذي وردت السنة بالنهي عنه هو القزع، وهو حلق بعض الرأس وترك بعضه؛ وهذا هو الذي نهينا عنه، ونؤدب فاعله، ولكن الجهال القادمون إليكم لا يميزون أنواع الكفر والردة، وكثير منهم غرضه نهب الأموال. ونحن لم نأمر أحدا من الأمراء بقتال من لم يحلق رأسه، بل نأمرهم بقتال من أشرك بالله، وأبى عن توحيد الله تعالى، والتزام شرائع الإسلام، من إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان.
فإذا فعلوا خلاف ذلك، وبلغنا ذلك من فعلهم، لم نقرهم على ذلك؛ بل نبرأ إلى الله من فعلهم، ونؤدبهم على قدر جرائمهم بحول الله وقوته، والله سبحانه وتعالى أعلم.
[الحِلْف إذا وقع على خلاف أحكام الشرع]
(وأما المبحث العاشر) في قوم اجتمعوا، وعقدوا بينهم العهود في المؤازرة والمناصرة، والمعاونة على الأضياف، والمدافعة؛ وأنهم يعقلون في الدماء عمدها وخطئها، فهل يجب الوفاء بها إذا كان في ذلك صلاح فإذا كان الحلف قد صدر منهم في الجاهلية، فهل يلزم لقوله صلى الله عليه وسلم: كل حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة وهل يجوز إحداثه في الإسلام إذا وجد فيه صلاح؟
(فالجواب): أن الحلف إذا وقع على خلاف أحكام الشرع لم يجز التزامه، ولا الوفاء به؛ فإن قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق؛ كما ثبت في الصحيحين في حديث بريدة رضي الله عنه:"ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط"١.
وهذا الحلف المذكور على هذا الوجه يخالف حكم الله؛ فإن الحكم الشرعي أن دية العمد على القاتل خاصة، ودية الخطأ على العاقلة؛ وهذا أمر لا خلاف فيه بين العلماء فكيف يبطل هذا الحكم الشرعي بحلف