للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وأما المبحث الثامن) عن التنباك الذي اختلفت فيه آراء علماء الإسلام؛ فمنهم من أفتى بحله، ومنهم من أفتى بتحريمه بقيد وتعليق، ومنهم من أفتى بتحريمه مطلقًا. ولما بلغنا أنكم أفتيتم فيه بأنه من المسكرات اعتمدنا على قولكم، فعارض بعض الراحلين من عندكم فقالوا: من شربه بعد ما تاب منه فقد ارتد وحل دمه وماله.

(فالجواب): أن من نسب إلينا القول بهذا فقد كذب وافترى، بل من قال هذا القول استحق التعزير البليغ الذي يردعه وأمثاله؛ فإن هذا مخالف للكتاب، بل لو تاب منه ثم عاد إلى شربه لم يحكم بكفره وردته، ولو أصر على ذلك، إذا لم يستحله ١. والتكفير بالذنوب مذهب الخوارج الذين مرقوا من الإسلام واستحلوا دماء المسلمين بالذنوب والمعاصي.

[حلق شعر الرأس]

(وأما المبحث التاسع) عن حلق شعر الرأس، وأن بعض البوادي الذين دخلوا في ديننا قاتلوا من لم يحلق رأسه، وقتلوا بسبب الحلق خاصة، وأن من لم يحلق رأسه صار مرتدا.

(فالجواب): أن هذا كذب وافتراء علينا، ولا يفعل هذا من يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فإن الكفر والردة لا تكون إلا بإنكار ما علم بالضرورة من دين الإسلام؛ وأنواع الكفر والردة من الأقوال والأفعال معلومة عند أهل العلم، وليس عدم الحلق منها، بل ولم نقل إن الحلق مسنون، فضلا عن


١ هذا القيد يذكره العلماء في المعاصي المجمع على تحريمها كالزنا والخمر، فمن استحلها كان كافرا لرده النصوص القطعية والإجماع، وأما ما اختلف العلماء في تحريمه لاختلاف اجتهادهم فلا يكفر مستحله قطعا، وما ذكر المصنف القيد هنا إلا بحسب العادة المتبعة في المحرمات الاجتماعية المعلومة من الدين بالضرورة كما سيأتي له في مسألة حلق الشعر الآتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>