للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو كراثا أو بصلا أو فجلا فلا يقربن مسجدنا أو المساجد، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم"١، وهذا ظاهر في شموله للحفظة، وفي عموم تأذيهم مما يتأذى منه بنو آدم؛ فيشمل ذلك تأذيهم بكل ريح كريهة، سواء ريح الخلاء أو غيره إلا أنه سيأتي أن الحفظة يفارقونه حال دخوله الخلاء.

(وقوله): وهل للكافر حفظة؟

(جوابه): نعم كما شملته، بل يصرح به قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} ٢ أي: الحساب: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ} ٣ الآية.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: جعل الله على ابن آدم حافظين في الليل وحافظين في النهار، يحفظان عمله ويكتبان أثره. وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: مع كل إنسان ملك عن يمينه وآخر عن شماله، فأما الذي عن يمينه فيكتب الخير، وأما الذي عن شماله فيكتب الشر.

(وقوله): إذا مات الإنسان إلى أين يصار به؟

(جوابه): أخرج أبو الشيخ والبيهقي عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله وكل بعبده المؤمن ملكان يكتبان عمله، فإذا مات قال الملكان اللذان وكلا به: قد مات، فأذن لنا أن نصعد إلى السماء، فيقول الله سبحانه وتعالى: سمائي مملوءة من ملائكتي يسبحونني، فيقولان فأين؟ فيقول: قُومَا على قبر عبدي فَسَبِّحَانِي واحمداني وكبراني، واكتبا ذلك لعبدي إلى يوم القيامة".

وقوله: وهل هم غير الكاتبين؟

(جوابه): أنه قد علم مما قدمناه: أن الملائكة الحفظة الموكلين بالإنسان ينقسمون إلى: أن منهم من هو موكل بالحفظ لا غير، ومنهم وهم الكاتبان الكريمان من هو موكل بالحفظ والكتاب وورد في هذين أنهما يفارقان الإنسان، فقد أخرج البزار عن ابن عباس- رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله ينهاكم عن التعري، فاستحوا


١ البخاري: الأذان (٨٥٤) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٦٤) , والترمذي: الأطعمة (١٨٠٦) , والنسائي: المساجد (٧٠٧) , وأبو داود: الأطعمة (٣٨٢٢) , وأحمد (٣/ ٣٧٤,٣/ ٣٨٠,٣/ ٣٨٧,٣/ ٣٩٧,٣/ ٤٠٠).
٢ سورة الانفطار آية: ٩.
٣ سورة الانفطار آية: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>