للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعبادة؟ فقال: التاجر الصدوق أحب إليَّ، لأنه في جهاد: يأتيه الشيطان من طريق المكيال والميزان، ومن قبل الأخذ والعطاء، فيجاهده، أي: ولا يطاوعه فيما يأمر به من المحرمات. وقيل للإمام أحمد بن حنبل: ما تقول فيمن جلس في بيته أو مسجده وقال: لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي، فقال أحمد: هذا رجل لم يسمع العلم، أَمَا سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: "جعل رزقي تحت ظل رمحي"١، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجرون في البر والبحر ويعملون في نخيلهم؛ والقدوة بهم -رضي الله عنهم-.

والقسم الثاني: هم الذين لا يجتنبون في بيعهم وشرائهم ومعاملاتهم المحرمات: كالربا والغش والحلف الباطل وغير ذلك من القبائح التي انطوى عليها أكثر التجار؛ وهؤلاء فجار في الدنيا والآخرة، وهم ممن قال الله فيهم: {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ} ٢ الآية. وفي مسلم: "ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة: رجل حلف على سلعة، لقد أُعْطِيَ بها أكثر مما أعطى وهو كاذب"٣، وروى أبو يعلى أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال قول لا إله إلا الله يدفع عن الخلق ما لم يؤثروا صفقة دنياهم على آخرتهم". وأهل هذا القسم هم المرادون بقوله صلى الله عليه وسلم: "إن التجار هم الفجار"٤ الحديث.

[المراد بعلم التنجيم]

(مسألة): وقع في عبارة الفقهاء ما يصرح بتحريم علم التنجيم، هل المراد حساباته أو أحكامه؟

(الجواب): الأحكام المتعلقة بالنجوم منها ما هو واجب كالاستدلال بها على القبلة والأوقات واختلاف المطالع واتحادها ونحو ذلك، ومنها ما هو جائز كالاستدلال بها على منازل القمر وعروض البلاد، ومنها ما هو


١ أحمد (٢/ ٥٠).
٢ سورة آل عمران آية: ٧٧.
٣ البخاري: المساقاة (٢٣٦٩) , ومسلم: الإيمان (١٠٨) , والترمذي: السير (١٥٩٥) , والنسائي: البيوع (٤٤٦٢) , وأبو داود: البيوع (٣٤٧٤) , وابن ماجه: التجارات (٢٢٠٧) , وأحمد (٢/ ٢٥٣).
٤ أحمد (٣/ ٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>