للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الجواب): أن الرزق في اللغة: الحظ والنصيب، ومنه قوله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} ٢ أي: تجعلون حظكم ونصيبكم من سماع القرآن تكذيبكم به وبمن أنزل عليه، وأما في عرف الشرع: فهو أخص من ذلك؛ إذ هو ما تخصص به الحيوان وتمكن من الانتفاع به. وقد يطلق على ما يعم النعم الظاهرة والباطنة، ومن ثم قال جماعة من المفسرين وغيرهم: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} ٣ يحتمل أن المراد الإنفاق من جميع ما منحهم الله تعالى به من النعم الظاهرة؛ إذ الإنفاق كما يكون من هذه، كذلك يكون من النعم الباطنة كالعلم والجاه، ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن أبي شيبة: "إن علما لا يقال -أي لا يُتَحَدَّثُ به- ككنز لا يُنْفَقُ منه"٤.

وروى الطبراني مرفوعا: "مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يتحدث به كمثل الذي يكنز الكنز ثم لا ينفق منه"٥. وأما تناول الإنسان من الحرام يسمى رزقا كما دلت عليه الآيات والأحاديث.

[الكلام في كرامات الأولياء]

(مسألة): كرامات الأولياء حق، فهل تنتهي إلى إحياء الموتى وغيرها من معجزات الأنبياء؟

(الجواب): كرامات الأولياء حق عند أهل السنة والجماعة خلافا للمعتزلة، وقول الفخر الرازي: إن أبا إسحاق الأسفرايني أنكرها، مردود أيضا بأنه إنما أنكر منها ما كان معجزة لنبي كإحياء الموتى، لئلا تختلط الكرامة بالمعجزة. وغلط النووي كابن الصلاح بأنه ليس في كراماتهم معارضة للنبوة، لأن الولي إنما أعطي ذلك ببركة اتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم، فلا تظهر حقيقة الكرامة عليه إلا إذا كان داعيا لاتباع النبي


١ سورة الروم آية: ٤٠.
٢ سورة الواقعة آية: ٨٢.
٣ سورة البقرة آية: ٣.
٤ الدارمي: المقدمة (٥٥٥).
٥ الدارمي: المقدمة (٥٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>