للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول قول المنكر، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لو يُعْطَى الناس بدعواهم لأخذ قوم دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه" ١ رواه مسلم. وفي الحديث الآخر: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" ٢؛ ولأن الأصل براءة الذمة من الزائد، فكان القول قول من ينفيه كما اختلفا في قدر الدين.

[ضمان المجهول]

(وأما المسألة التاسعة): وهي ضمان المجهول كمن ضمن على إنسان دينا لا يعلم قدره، ثم علم ذلك، فالصحيح في هذه المسألة صحة ذلك، وهو قول أبي حنيفة وأحمد، وهو اختيار الشيخ ابن القيم لقول الله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} ٣ وحمل البعير غير معلوم بل يختلف باختلافه، ولعموم قوله عليه السلام: "الزعيم غارم"٤ ولأنه التزام حق في الذمة من غير مفاوضة؛ فصح في المجهول كالنذر. وقال الثوري والليث وابن أبي ليلى والشافعي وابن المنذر: لا يصح، لأنه التزام؛ فلم يصح مجهولا كالثمن.

[ضمان الوكيل فيما خالف فيه موكله]

(وأما المسألة العاشرة): وهي من وكل رجلا في بيع سلعة بعشرة، فباعها بثمانية، ووكله في شراء سلعة بثمانية، فاشتراها بعشرة ما الحكم في ذلك؟ فهذه المسألة فيها قولان للعلماء: هما روايتان عن أحمد: إحداهما): أن حكمه حكم من لم يؤذن له في البيع؛ فيكون تصرفه كتصرف الأجنبي فلا يصح البيع؛ وهذا قول أكثر أهل العلم؛ واختاره الموفق -رحمه الله- قال في الشرح: وهو أقيس، لأنه بيع غير مأذون فيه أشبه بيع الأجنبي، وكل تصرف كان الوكيل فيه مخالفا لموكله، فحكمه حكم تصرف الأجنبي. والرواية الثانية): أن البيع صحيح ويضمن الوكيل النقص، لأنه من صح بيعه بثمن المثل صح بدونه، كالمريض. قال في الاختيارات: قال في المحرر:


١ البخاري: تفسير القرآن (٤٥٥٢) , ومسلم: الأقضية (١٧١١) , والنسائي: آداب القضاة (٥٤٢٥) , وابن ماجه: الأحكام (٢٣٢١) , وأحمد (١/ ٣٦٣).
٢ الترمذي: الأحكام (١٣٤١).
٣ سورة يوسف آية: ٧٢.
٤ الترمذي: البيوع (١٢٦٥) , وأبو داود: البيوع (٣٥٦٥) , وابن ماجه: الأحكام (٢٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>