للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض إلى ما كانت عليه، لأنه ضرر حصل في ملك غيره بغير فعله، فلزمته إزالته، وعليه ضمان نقص الأرض إن نقصت بالغرس والبناء، وعليه أجرة المثل إلى وقت التسليم.

[تفضيل بعض الأولاد في العطية]

(وأما المسألة الخامسة عشر): إذا فضل بعض أولاده بعطية مال، فمات قبل المواساة، فالكلام في هذه المسألة في مقامين:

المقام الأول: في جواز التفضيل؛ وعدمه، فمذهب الإمام أحمد رضي الله عنه أن ذلك لا يجوز إذا كان على سبيل الأثرة، فإن خص بعضهم بعطية أو فاضل بينهم أثم، إذا لم يختص بمعنى يبيح التفضيل؛ ووجبت عليه المساواة، إما برد الفاضل أو إعطاء الآخر، حتى يتم نصيبه.

وبهذا قال ابن المبارك، وروي معناه عن مجاهد وعروة، واختار هذا القول الشيخ تقي الدين. وذهب الإمام مالك والثوري والليث والشافعي وأصحاب الرأي إلى جواز التفضيل، وروي معنى ذلك عن شريح وجابر بن زيد والحسن بن صالح، لأن أبا بكر نحل عائشة جذاذ عشرين وسقا، دون سائر أولاده، واحتج الشافعي بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث النعمان بن بشير: "أشهد على هذا غيري"١ فأمره بتأكيدها دون الرجوع. واحتج من ذهب إلى تحريم التفضيل بما في الصحيحين عن النعمان بن بشير: قال: "تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فجاء بي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليشهده على صدقتي، فقال: أكلّ ولدك أعطيته مثله؟ قال: لا. قال: فاتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم"٢ قال: فرجع أبي، فرد تلك الصدقة. وفي لفظ قال: (فاردده) وفي لفظ: (فأرجعه) وفي لفظ: (فلا تشهدني


١ مسلم: الهبات (١٦٢٣) , وأبو داود: البيوع (٣٥٤٢) , وابن ماجه: الأحكام (٢٣٧٥) , وأحمد (٤/ ٢٧٠).
٢ البخاري: الهبة وفضلها والتحريض عليها (٢٥٨٧) , ومسلم: الهبات (١٦٢٣) , والنسائي: النحل (٣٦٨١,٣٦٨٢) , وأبو داود: البيوع (٣٥٤٢) , وأحمد (٤/ ٢٦٩,٤/ ٢٧٠,٤/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>