بعضهم بالوقف: لا بأس إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة، والعطية في معنى الوقف. قال في الإنصاف: قلت: وهذا قوي جدا، ويحتمل أن يمنع من التفضيل بكل حال لحديث النعمان، لكون النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستفصل بشيرا في عطيته.
وأما المقام الثاني: وهو إذا فضل أو خص بعضهم، ثم مات قبل الرجوع أو المواساة، فهل تثبت العطية للمعطى أو للباقين؟، فقد اختلفت الرواية في ذلك عن أحمد، فروي عنه أنها تثبت للمعطى، وليس لبقية الورثة الرجوع نص على ذلك في رواية محمد بن الحكم والميموني، واختاره الخلال، وصاحبه أبو بكر، وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي، وأكثر أهل العلم لقول أبي بكر لعائشة لما نحلها: وددت لو أنك حزتيه، فيدل على أنها لو حازته لم يكن لهم الرجوع.
وقال عمر: لا نحلة إلا نحلة يحوزها الولد دون الوالد، والرواية الأخرى: لباقي الورثة أن يرجعوا ما وهبه، اختاره أبو عبد الله ابن بطة وأبو حفص العكبريان، وابن عقيل والشيخ تقي الدين، وصاحب الفائق، وهو قول عروة بن الزبير وإسحاق، قال أحمد: عروة قد روى الأحاديث الثلاثة: حديث عائشة، وحديث عمر، وحديث عثمان، وتركها، وذهب إلى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ترد في حياة الرجل وبعد موته؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ذلك جورا بقوله لبشير:"لا تشهدني على جور"١ والجور لا يحل للفاعل فعله، ولا للمعطى تناوله، والموت لا يغيره عن كونه جورا حراما، فيجب رده؛ ولأن أبا بكر، وعمر -رضي الله عنهما- أمر قيس بن سعد برد قسمة أبيه حين ولد له، ولم يكن علم به، ولا أعطاه شيئا، وكان ذلك بعد موت سعد، فروى سعيد بإسناده أن سعد بن عبادة، قسم ماله بين أولاده