للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحياء العرب: "قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا"١، قالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} ٢ إلى قوله: {وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ} ٣، فعرفوا معنى لا إله إلا الله، وأنه توحيد العبادة، لكن جحدوه كما قال عن قوم هود: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ} ٤، وقال -تعالى-، عن مشركي هذه الأمة: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} ٥، عرفوا أن المراد من لا إله إلا الله: ترك الشرك في العبادة، وأن يتركوا عبادة ما سواه مما كانوا يعبدونه من ملك، أو نبي، أو شجر، أو حجر، أو غير ذلك.

فإخلاص العبادة لله هو أصل دين الإسلام الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه؛ وهو سر الخلق، قال -تعالى- لنبيه: {قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ} ٦، وقال -تعالى-: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} ٧. فإسلام الوجه هو إخلاص الأعمال الباطنة والظاهرة، كلها لله، وهذا هو توحيد الألوهية وتوحيد العبادة وتوحيد القصد والإرادة؛ ومن كان كذلك فقد استمسك بالعروة الوثقى، وهي لا إله إلا الله. فإن مدلولها نفي الشرك وإنكاره، والبراءة منه، وإخلاص العبادة لله وحده، وهو معنى قول الخليل: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ٨.

وهذا هو الإخلاص الذي هو دين الله، الذي لم يرض لعباده دينا سواه، كما قال -تعالى-: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} ٩ والدين هو العبادة، وقد فسره أبو جعفر بن جرير في تفسيره بالدعاء، وهو بعض أفراد العبادة كما


١ أحمد (٣/ ٤٩٢).
٢ سورة ص آية: ٥.
٣ سورة ص آية: ٦.
٤ سورة الأعراف آية: ٧٠.
٥ سورة الصافات آية: ٣٥.
٦ سورة الرعد آية: ٣٦.
٧ سورة لقمان آية: ٢٢.
٨ سورة الأنعام آية: ٧٩.
٩ سورة الزمر آية: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>