للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن المشرك أخذ حق الله ووضعه فيمن لا يستحقه. وأما الشرك الأصغر فهو أكبر من الكبائر لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن رأى في يده حلقة من صفر فقال: "ما هذه؟ قال: من الواهنة، فقال: انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهنا، فإنك لو مت -وهي عليك- ما أفلحت أبدا"١.

ولا يكفَّر الشرك أكبره وأصغره إلا بالتوبة منه قبل الممات، والأصغر لا يكفِّره في الدار الآخرة إلا كثرة الحسنات، لأن الأصغر لا يحبط إلا العمل الذي وقع فيه خاصة.

[الذهاب إلى المقابر التي بني عليها القباب]

وأما قولكم في الذهاب إلى المقابر التي بني عليها القباب، وأوقد فيها المصباح.

فالجواب: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن اليهود والنصارى وقال: "لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"٢، وقال: "لعن الله زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج"٣.

وبناء القباب على القبور وإسراجها، وسيلة إلى عبادتها والخضوع لها، والتذلل والتعظيم، وسؤالها ما لا يقدر عليه إلا الله؛ وفي الحديث الذي رواه مالك في الموطأ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد؛ اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"٤.

[استغاثة الأحياء بالأموات]

وأما مسألة استغاثة الأحياء بالموتى في طلب الجاه والسعة والرزق والأولاد، مثل أن يقال عند القبور: أن تدعوا الله في رفع فقرنا، وبسط رزقنا، وكثرة أولادنا وشفاء مريضنا؛ لأنكم سلف مستجابو الدعوات عند الله.

فالجواب: هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، وهذا شرك في الربوبية والألوهية، وقد كان شرك المشركين في جاهليتهم بطلب الشفاعة والقربة.

وأما طلب الرزق والأولاد وشفاء المرضى، فقد أقروا بأن آلهتهم لا تقدر على ذلك، كما قال -تعالى-: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ


١ ابن ماجه: الطب (٣٥٣١) , وأحمد (٤/ ٤٤٥).
٢ البخاري: الصلاة (٤٣٦) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٣١) , والنسائي: المساجد (٧٠٣) , وأحمد (٦/ ٣٤,٦/ ٢٥٥) , والدارمي: الصلاة (١٤٠٣).
٣ الترمذي: الصلاة (٣٢٠) , والنسائي: الجنائز (٢٠٤٣) , وأبو داود: الجنائز (٣٢٣٦) , وابن ماجه: ما جاء في الجنائز (١٥٧٥) , وأحمد (١/ ٢٢٩,١/ ٢٨٧,١/ ٣٢٤,١/ ٣٣٧).
٤ مالك: النداء للصلاة (٤١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>