للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} ١.

فأقروا لله تعالى أنه الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور، وقال: {أمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} ٢ أي: يفعل ذلك؛ فأقروا لله بذلك، وصار إقرارهم حجة عليهم في اتخاذهم الشفعاء.

وقد قال -تعالى- في فاتحة الكتاب: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ٣ أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نستعين إلا بك؛ فهو المعبود وحده، وهو المستعان. وقد تقدم ما يبين أن الدعاء مخ العبادة، لأن الله -تعالى- نهى عن دعوة غيره، وأخبر أن المدعو لا يستجيب لداعيه، وأنه شرك وضلال، وأنه كفر بالله.

وقد أوضحنا ذلك في الجواب في إبطال دعوة المدعي جواز الاستمداد بالأموات، ومن قال: إن الميت يسمع ويستجيب، فقد كذب على الله {وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكَافِرِينَ} ٤، وقال -تعالى-: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} ٥ فأخبر -تعالى- أنه لا أضل ممن يدعو أحدا من دون الله غير الله، وما أخبر أن المدعو لا يستجيب، وأنه غافل عن الداعي ودعوته، وأنه عدوه يوم القيامة.

فأهل التوحيد أعداء أهل الشرك في الدنيا والآخرة، قال الله -تعالى-: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ} ٦، فأخبر -تعالى- أن آلهتهم تبرأ منهم بين يدي الله ومن عبادتهم، ويستشهدون الله على أنهم في حال دعوتهم لهم غافلون لا يسمعون ولا يستجيبون. وهذا كتاب الله هو الحاكم بيننا، وبين جميع من


١ سورة يونس آية: ٣١.
٢ سورة النمل آية: ٦٢.
٣ سورة الفاتحة آية: ٥.
٤ سورة الزمر آية: ٣٢.
٥ سورة الأحقاف آية: ٥.
٦ سورة يونس آية: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>