للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشرك بالله من الأولين والآخرين، وليس فعل أحد من الناس، ولو من يظن أنه عالم يكون حجة على كتاب الله؛ بل القرآن هو الحجة على كل أحد، فلا تغتروا بقول بعضهم: قال فلان، وفعل فلان.

[التحذير من دلائل الخيرات والبردة والهمزية]

وأما السؤال عن دلائل الخيرات، فيكفي عن دراستها ما وردت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن كيفية الصلاة قال: "قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد"١ إلخ، وقد قال بعض العلماء لما قيل له: إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أحرق دلائل الخيرات، استحسن ذلك، فقال:

وحرق عمدًا للدلائل دفترًا ... أصاب ففيها ما يجل عن العد

غلو نهى عنه الرسول وفرية ... لا مرية فاتركه إن كنت تستهدي

أحاديث لا تعزى إلى عالم فلا ... تساوي فليسًا إن رجعت إلى النقد

وأما السؤال عن البردة للبوصيري والهمزية وأمثالهما في المديح، فالمنكر من ذلك ما كان فيه شرك، كقول صاحب البردة: "يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك"، فدعا غير الله، ولاذ به من دون الله، والدعاء مخ العبادة، واللياذ نوع من أنواع العبادة كالعياذ، وقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم بتغيير ما كان عليه أهل الجاهلية من الاستعاذة بالجن إذا هبطوا واديا، يقولون: نعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، كما قال -تعالى-: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} ٢ أي: طغيانا.

فشرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته قصر الاستعاذة على الله وأسمائه وصفاته، فقال في حديث خولة بنت حكيم، وهو في الصحيح: "من نزل منزلا، فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك"٣. وكذلك قول صاحب البردة:


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٣٧٠) , ومسلم: الصلاة (٤٠٦) , والترمذي: الصلاة (٤٨٣) , والنسائي: السهو (١٢٨٧,١٢٨٨) , وأبو داود: الصلاة (٩٧٦) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (٩٠٤) , وأحمد (٤/ ٢٤١,٤/ ٢٤٤) , والدارمي: الصلاة (١٣٤٢).
٢ سورة الجن آية: ٦.
٣ مسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٧٠٨) , والترمذي: الدعوات (٣٤٣٧) , وابن ماجه: الطب (٣٥٤٧) , وأحمد (٦/ ٣٧٨,٦/ ٤٠٩) , والدارمي: الاستئذان (٢٦٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>