للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم موجودين في حياته والقرآن ينزل، فلأن يوجد بعده وبعد القرون المفضلة أولى وأحرى، كما لا يخفى على من له بصيرة ومعرفة بأحوال الأمة، ولا يخفى هذا إلا على من هو أجهل خلق الله وأتركهم لدين الله.

[خطأ من قال ليس في الأمة كافر ولا مبتدع]

وأما ما استدل به على شبهته الواهية والباطلة من الآيتين: آية البقرة وآية آل عمران، فهما من أظهر الحجة عليه في إبطال شبهته، فإن قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ١ إنما خاطب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فالخطاب بها متوجه إليهم، فإنهم هم الموصوفون بهذه الصفات. فهو مؤمن من خير أمة أخرجت للناس، وهم الموعودون في كتاب الله وسنة رسوله بالفوز بالجنة والنجاة من النار؛ بخلاف الكفار والمشركين والمنافقين، فإنهم أهل المنكر، يفعلونه ويأمرون به ويوالون أهله، ويتركون المعروف وينهون عنه ويعادون أهله، فهم أعداء الله وأعداء رسوله حيث كانوا.

وقد كان جنسهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم نزل القرآن، ووجودهم فيما بعد خير القرون أكثر، كما لا يخفى على من له عقل، بخلاف من ليس له عقل ولا دين يقول: ليس في الأمة كافر ولا مشرك ولا مبتدع. فأين ذهب عقل؛ هذا الجاهل عن القرآن والسنة؟! فإن الله بيَّن أحوال الكفار والمشركين والمنافقين، ومقتهم ولعنهم، وأمر بجهادهم ما داموا على كفرهم وشركهم وضلالهم، في كل زمان ومكان. قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} ٢. فقل لهذا الجاهل المغفل الحيران المفتون: أين ذهب بك الشيطان عن معرفة ما في القرآن؟

وأما آية البقرة فهي أيضا حجة على هذا في إبطال شبهته وبيان


١ سورة آل عمران آية: ١١٠.
٢ سورة الأنفال آية: ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>