للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رواه الإمام محمد بن نصر المروزي -رحمه الله- في كتاب الاعتصام، فنذكر من كل حديث ما دل على ذلك.

فروى بإسناده إلى سعيد بن جبير عن أبي الصهباء قال: سمعت علي بن أبي طالب، وقد دعا رأس الجالوت وأسقف النصارى وقال: إني سائلكما عن أمر وأنا أعلم به منكما فلا تكتماني، يا رأس الجالوت: أنشدك الله الذي أنزل التوراة على موسى، وأطعمكم المن والسلوى، وضرب لكم في البحر طريقا، وأخرج لكم من الحجر اثنتي عشرة عينا، لكل سبط من بني إسرائيل عين، إلا ما أخبرتني عن كم افترقت بنو إسرائيل بعد موسى؟ فقال له: ولا فرقة واحدة. فقال له علي ثلاث مرات: كذبت، والله الذي لا إله إلا هو لقد افترقت على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة.

ثم دعا الأسقف وقال: أنشدك الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، وجعل على رحله البركة، وأراكم العبرة، فأبرأ الأكمه، وأحيا الموتى، وصنع لكم من الطين طيورا، وأنبأكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم، فقال: دون هذا أصدقك يا أمير المؤمنين، فقال: على كم افترقت النصارى بعد عيسى من فرقة؟ فقال: لا والله ولا فرقة. فقال ثلاث مرات: كذبت، والله الذي لا إله إلا هو لقد افترقت على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة.

فأما أنت يا يهودي فإن الله يقول: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} ١، فهي التي تنجو، وأما أنت يا نصراني فإن الله يقول: {مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ} ٢، فهي التي تنجو، وأما نحن فيقول: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} ٣، وهي التي تنجو من هذه الأمة.

وبالسند إلى زاذان أبي عمرو قال: قال علي: يا أبا عمرو، أتدري كم


١ سورة الأعراف آية: ١٥٩.
٢ سورة المائدة آية: ٦٦.
٣ سورة الأعراف آية: ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>