ويدعونهم إلى دين الله ودين عيسى بن مريم، فساحوا في البلاد وترهبوا وهم الذين قال الله فيهم:{ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها} إلى قوله: {فاسقون}".
وقال صلى الله عليه وسلم "من آمن بي وصدقني واتبعني فقد رعاها حق رعايتها ومن لا يتبعني فأولئك هم الهالكون" قلت: فالفرقة الثالثة هي التي آمنت بمحمد صلى الله عليه وسلم واتبعته من بني إسرائيل وغيرهم.
[الفرقة الناجية هي المتمسكة بالكتاب والسنة]
وبالسند إلى يزيد الرقاشي حدثني أنس بن مالك مرفوعا أن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قال يزيد الرقاشي: وهي الجماعة. وفيه حديث معاوية وهو مشهور.
فتبين بهذه الأحاديث أن الفرقة الناجية من الثلاث والسبعين هي التي تمسكت بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعملوا بما في كتاب الله، وأخلصوا له العبادة، واتبعوا رسوله. فإن أصل دين الإسلام أن لا يعبدوا إلا الله، وأن لا يعبد إلا بما شرع، وأنت اليوم (ترى) أكثر من ينتسب إلى العلم لا يعرف من معنى "لا إله إلا الله" إلا ما دلت عليه التزاما، وهو توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون.
وذلك أن هؤلاء يفسرون الإله بالقادر على الاختراع، وما اهتدوا إلى ما دلت عليه كلمة الإخلاص مطابقة، وهو نفي ما يألهه المشركون من دون الله بأي نوع كان من العبادة، وهو المنتفي بجملة "لا إله"، ومعنى "إلا الله" أنه الذي يؤله ويعبد بكل نوع من أنواع العبادة دون كل ما سواه، وسيأتي مزيد لذلك إن شاء الله.
وبسبب جهل كثير بما دلت عليه "لا إله إلا الله"، لم ينكروا عبادة الطواغيت والأشجار والأحجار والقبور وغير ذلك، وذلك أنه لا يعرف عن أحد من العلماء في