للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العصر الذي قام فيه شيخنا -رحمه الله- ولا من قبله أنه أنكر الشرك في الإلهية، ودعا الناس إلى عبادة الله وحده؛ فبسبب الجهل بهذا التوحيد الذي هو حق الله على عباده أنكروا على شيخنا -رحمه الله- دعاء الناس في القرن الثاني عشر إلى ما دعت إليه الرسل: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}،١ {أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} ٢، {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} ٣.

فالوقت الذي صارت دعوة الرسل فيه عند أهله منكرا، فالإسلام فيه قد بلغ في الغربة إلى غايتها ومنتهاها، وقد دل القرآن العزيز على أن الكفار الذين جحدوا هذا التوحيد كانوا يعرفون معنى ما دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال لهم: "قولوا لا إله إلا الله"٤، قال الله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} ٥.

فعرفوا أن معناها ترك الآلهة التي كانوا يعبدونها من دون الله، وقد أخبر الله تعالى عن قوم هود أنهم أجابوه لما قال لهم: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ٦، {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ} ٧، فتبين بهذه الآيات وجميع ما في القرآن أن الدعوة التي اتفق عليها الرسل هي إفراد الرب بالعبادة، كما في قوله تعالى في فاتحة الكتاب: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ٨: فتقديم المعمول يفيد الحصر، أي لا نعبد غيرك، ولا نستعين إلا بك. فالجهل بهذا التوحيد هو غاية الجهل، والإنكار على من دعا إليه هو الغاية في الكفر.

وقد قال عالم صنعاء في منظومته المشهورة، التي بعث بها لشيخنا محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى-:

لقد أنكرت كل الطوايف قوله ... بلا صدر في الحق منهم ولا ورد


١ سورة الأعراف آية: ٥٩.
٢ سورة هود آية: ٢.
٣ سورة هود آية: ١.
٤ أحمد (٣/ ٤٩٢).
٥ سورة الصافات آية: ٣٥.
٦ سورة الأعراف آية: ٦٥.
٧ سورة الأعراف آية: ٧٠.
٨ سورة الفاتحة آية: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>