للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاءت الأخبار عنه بأنه ... يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي

وينشر جهرًا ما طوى كل جاهل ... ومبتدع منه فوافق ما عندي

[قول ابن جرير في الدعاء والعبادة]

والمقصود أن الله تعالى مَنَّ على الناس في آخر هذه الأعصار ببيان الدين الذي بعث الله به رسله، وهو الذي خلق الخلق لأجله، وبيان أدلته من الكتاب والسنة، ودعوة الناس إلى أن يتدبروا ذلك، ويعرفوا ما أراده الله تعالى من عباده، وبينه تعالى بقوله: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} ١، وقوله: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} ٢، وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} ٣.

وقد ذكر الإمام محمد بن جرير في تفسيره: إن الدين المذكور في هذه الآيات وأمثالها الدعاء، والدعاء نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة؛ والكل عبادة. فمن أخلص الدعاء بنوعيه لله تعالى، ولم يجعل له فيه شريكا فقد وحد الله تعالى بعبادته، وأسلم لله. ومن جعل لله شريكا في ذلك فقد أشرك مع الله غيره، وهذا واضح في الآيات المحكمات كقوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} ٤.

وهذه الآية تشبه {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ٥، والمعنى: بل الله فاعبد لا غيره، فإن تقديم المعمول يفيد الحصر، وهذا هو الإخلاص، وهو معنى شهادة أن لا إله إلا الله، فمن لم يفهم دين الإسلام الذي رضيه الله تعالى لعباده من هذه الآيات المحكمات فأبعده الله، فإن الخصومة بين الرسل والأمم إنما كانت في إخلاص العبادة كما قال تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ


١ سورة الزمر آية: ٢.
٢ سورة الزمر آية: ١٤.
٣ سورة البينة آية: ٥.
٤ سورة الزمر آية: ٦٤.
٥ سورة الفاتحة آية: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>