للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدل بهذا الحديث على: وجوب الطمأنينة في أركان الصلاة؛ وبه قال الجمهور.

واشتهر عن الحنفية: أن الطمأنينة سنة، وصرح بذلك كثير من مصنفيهم.

واعلم: أن المصنفين قد أكثروا من الاستدلال بهذا الحديث نفياً وإثباتاً، وحمَّلوه فوق وسعه، وطريق الإنصاف لا يخفى؛ فإن الظاهر من حال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أنه إنما علم الرجل الأمور التي أخل بها؛ فما لم يذكره له، فلا يخلو؛ إما أن يرد بدليل خاص فيعمل به، وإلا فيسوغ الاستدلال به عليه.

وأما الأخبار التي وردت في الأذكار ونحوها، فلا يسوغ أن يقال: إنها لم تذكر في حديث المسيء صلاته، فيهمل العمل بمقتضى الأحاديث الواردة، مما سندُها فوق سند هذا الحديث، أو مثله، أو دونه؛ بمجرد سكوت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذكرها، هذا عدول عن سنن الشريعة.

فمن ذلك: تسبيحات الركوع والسجود، والذكر بين السجدتين، وذكر الرفع من الركوع والاعتدال، وتكبيرات الانتقال؛ فلا يسوغ إلغاء الأحاديث الواردة في ذلك كله؛ لعدم ذكرها في هذا الحديث؛ فإنه لم يذكر فيه النية، وهي ركن، أو شرط باتفاق منَّا ومنهم، وكذلك لم يذكر التشهد الأول والأخير، ولا الجلوس لهما، ولا السلام؛ وكل هذه ثابتة بأحاديث تخصها.

والحاصل: ما ورد فيه حديث يوجبه، أو ينفيه، أو يندبه، عُمل بمقتضاه، وما لم يرد به شيء، ولم يذكر في هذا الحديث صلح أن يستدل له بهذا، وهذا بين ظاهر، ولله الحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>