للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤيد ذلك الحديث الصحيح: "كفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع" أخرجه مسلم (١)، وقال بعض السلف: لا يكون إمامًا من حدث بكل ما سمع (٢).

(و) كان ينهى -عليه الصلاة والسلام- عن (إضاعة المال) قال ابن دقيق العيد: حقيقته المتفق عليها: بذله في غير مصلحة دينية أو دنيوية، وذلك ممنوع؛ لأن اللَّه تعالى جعل الأموال قيامًا لمصالح العباد، وفي تبذيرها تفويتٌ لتلك المصالح. وأما بذله وكثرة إنفاقه في تحصيل مصالح الآخرة، فلا يمنع منه، وقد قالوا: لا سرف في الخير، وأما إنفاقه في مصالح الدنيا، وملاذ النفس، على وجه لا يليق بحال المنفق، وقدر ماله؛ فهو إسراف على المشهور (٣).

قال في "الفتح": حمله الأكثر على الإسراف في الإنفاق، وقيده بعضهم بالإنفاق في الحرام، والأقوى: أنه ما أنفق في غير وجهه المأذون فيه شرعًا، سواء كانت دينية أو دنيوية.

والحاصل في كثرة الإنفاق، ثلاثة أوجه:

الأول: إنفاقه في الوجوه المذمومة شرعًا: فلا شك في منعه.

الثاني: إنفاقه في الوجوه المحمودة شرعًا، فلا شك في كونه مطلوبًا،


(١) رواه مسلم (٥)، في المقدمة، باب: النهي عن الحديث بكل ما سمع، وأبو داود (٤٩٩٢)، كتاب: الأدب، باب: في التشديد في الكذب، عن حفص بن عاصم، وأبي هريرة -رضي اللَّه عنهما-، وهذا لفظ أبي داود.
(٢) رواه الخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (٢/ ١٠٩)، عن عبد الرحمن بن مهدي.
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>