للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهم إلا أن يفوت حقًا أخرويًا أهم منه، فلا ينبغي أن يشرع له حينئذ.

الثالث: إنفاقه في المباحات بالأصالة؛ كملاذ النفس، وشهواتها، فهذا ينقسم على قسمين:

أحدهما: أن يكون على وجه يليق بحال المنفق، وبقدر ماله، فهذا ليس بإسراف.

والثاني: ما لا يليق به عرفًا، وهو أيضًا ينقسم إلى قسمين:

أحدهما: ما يكون لدفع مفسدة؛ إما ناجزة، أو متوقعة، فهذا ليس بإسراف -أيضًا-.

والثاني: ما لا يكون في شيء من ذلك، فالجمهور على أنه إسراف.

وقال الباجي من المالكية: يكره كثرة إنفاقه في مصالح الدنيا، ولا بأس به إذا وقع نادرًا لحادث يحدث؛ كضيف، أو عيد، أو وليمة، ومما لا خلاف في كراهته: مجاوزة الحد في الإنفاق على البناء زيادة على قدر الحاجة، ولا سيما إن أضاف إلى ذلك المبالغة في الزخرفة، ومنه احتمال الغبن الفاحش في البياعات بغير سبب.

ولا يختص منع إضاعة المال في المعاصي بارتكاب الفواحش، بل يدخل فيه سوء القيام على الرقيق والبهائم حتى يهلكوا، ودفع مال من لم يؤنس منه الرشد إليه، وقسمة ما لا ينتفع بجزئه، كالجوهرة [النفيسة] (١).

وفي "الفروع" للإمام ابن مفلح: من أراد الصدقة بماله كله؛ فإن كان وحده، وعلم من نفسه حسن التوكل والصبر عن المسألة: جاز، قال:


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١٠/ ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>