للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنته، فاختارت زوجها، فآلى قيس على نفسه ألا تولد له بنت إلا دفنها حية، فتبعه العرب على ذلك، وكان من العرب فريق ثان، يقتلون أولادهم مطلقًا، إما نفاسة منه على ما ينقصه من ماله، وإما من عدم ما ينفقه عليه.

وقد ذكر اللَّه تعالى أمرهم في عدة آيات؛ كقوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (١) [التكوير: ٨، ٩].

يقال: وأدها يئدها وأدًا: فهي موءودة، وفي الحديث: "الوئيد في الجنة" (٢)؛ أي: الموءود، فعيل بمعنى مفعول (٣).

قال في "الفتح": وكان صعصعة بن ناجية التميمي، وهو جد الفرزدق همام بن غالب بن صعصعة: أولَ من فدى الموءودة، وذلك أنه كان يعمد إلى من يريد أن يفعل ذلك، فيفدي الولد منه بمال يتفقان عليه، وإلى ذلك أشار الفرزدق بقوله: [من المتقارب]

وجَدِّي الذي منعَ الوائداتِ ... وأحيا الوئيدَ فلم يُوأَدِ (٤)

قال: وهذا محمول على الفريق الثاني -يعني: الذي كان يفعل الوأد؛ لعدم ما ينفقه على الولد، أو لئلا ينقصه ماله-، وقد بقي كل واحد من


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١٠/ ٤٠٦).
(٢) رواه أبو داود (٢٥٢١)، كتاب: الجهاد، باب: في فضل الشهادة، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٥٨)، وغيرهما، عن خنساء بنت معاوية الصريمية، عن عمها، به.
(٣) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٥/ ١٤٢).
(٤) انظر: "الآحاد والمثاني" لابن أبي عاصم (٢/ ٤٠٤)، و"المعجم الكبير" للطبراني (٧٤١٢)، و"المستدرك" للحاكم (٦٥٦٢)، و"لسان العرب" لابن منظور (٣/ ٤٤٢)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (٣/ ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>