للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادس: استنبط بعض العلماء من كثرة تنويع الروايات: أن اعتبار مراعاة العدد المخصوص في الأذكار معتبرة، وإلا لكان يمكن أن يقال: أضيفوا إليها التهليل ثلاثًا وثلاثين، فلما رجع التسبيح والتحميد والتكبير إلى خمس وعشرين، خمس وعشرين، وأضيف إليها التهليل كذلك، علم أن اعتبار كون الجميع من الذكر مئة معتبرة.

وقد كان بعض العلماء يقول: إن الأعداد الواردة كالأذكار خلف الصلاة، إذا رتب عليها ثواب مخصوص، فزاد الآتي بها على العدد المذكور، لا يحصل له ذلك الثواب؛ لاحتمال أن يكون لتلك الأعداد حكمة وخاصية تفوته بمجاوزة ذلك العدد.

قال الحافظ أبو الفضل عبد الرحيم العراقي في "شرح الترمذي": وفيه نظر؛ لأنه أتى بالمقدار الذي رتب عليه الثواب على الإتيان، فحصل له الثواب بذلك، فإذا زاد عليه من جنسه، كيف تكون تلك الزيادة مزيلة للثواب بعد حصوله؟! (١)

وتقدم كلام صاحب "الفروع"؛ من أنه حيث ذكر العدد، فلا تضر الزيادة عليه (٢).

وفي "الفتح": يمكن أن يفرق فيه بالنية، فإن نوى عند الانتهاء إليه امتثال الأمر الوارد، ثم أتى بالزيادة، فالأمر كما قال العراقي لا محالة، وإن زاد بغير نية؛ بأن يكون رتب على عشرة مثلًا، فيرتبه هو على مئة، فيتجه القول الماضي.

قال: وقد بالغ القرافي -رحمه اللَّه تعالى- في "القواعد"، فقال: من


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٣٣٠).
(٢) انظر: "الفروع" لابن مفلح (١/ ٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>