للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البدع المكروهة الزيادة في المندوبات المحدودة شرعًا؛ لأن شأن العظماء إذا حدوا شيئًا، أن يوقف عنده، ويعد الخارج عنه مسيئًا للأدب، انتهى.

قال في "الفتح": ومثَّله بعض العلماء بالدواء، يكون فيه مثلًا أوقية سكر، فلو زيد فيه أوقية أخرى، لتخلف الانتفاع به، فلو اقتصر على الأوقية في الدواء، ثم استعمل من السكر بعد ذلك ما شاء، لم يتخلف الانتفاع.

ويؤكد ذلك: أن الأذكار المتغايرة إذا ورد لكل منها عدد مخصوص، مع طلب الإتيان بجميعها متوالية، لم تحسن الزيادة على العدد المخصوص؛ لما في ذلك من قطع الموالاة؛ لاحتمال أن يكون للموالاة في ذلك حكمة خاصة تفوت بفواتها (١).

السابع: قال ابن بطال عن المهلب: في هذا الحديث فضل الغنى نصًا لا تأويلًا، إذا استوت أعمال الغني والفقير فيما افترض اللَّه عليهما، فللغني حينئذ فضل عمل البر من الصدقة، ونحوها، مما لا سبيل للفقير إليه. قال: ورأيت بعض المتكلمين ذهب إلى أن هذا الفضل مختص بالفقراء دون من كان (٢).

وقال ابن دقيق العيد: الفقراء ذَكَروا للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يقتضي تفضيل الأغنياء، بسبب القربات المتعلقة بالمال، وأقرهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على ذلك، ولكن علمهم ما يقوم مقام تلك الزيادة، فلما قالها الأغنياء، ساووهم فيها، وبقي معهم رجحان قربات المال، فقال -عليه السلام-: "ذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء"، فظاهره القريب من الظن، أنه فضل الأغنياء بزيادة القربات المالية.


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٣٣٠).
(٢) المرجع السابق، الموضع نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>