للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسلمت وبايعت، انتهى (١). "أن يعمل لي أعوادًا أجلس عليها، إذا كلمت الناس" الحديث (٢).

وفيه: ثم رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (صلى عليها)؛ أي: على الأعواد، يعني: المنبر، (ثم كبر عليها) تكبيرة الركوع، (ثم ركع وهو) -صلى اللَّه عليه وسلم- (عليها، ثم نزل) عنها (القهقرى).

ففي هذا الحديث: دليل على جواز صلاة الإمام على أرفع مما عليه المأموم؛ لقصد التعليم، وأما من غير هذا القصد، فمكروه، وزاد أصحاب مالك، أو من قال منهم، فقالوا: إن قصد التكبر، بطلت صلاته (٣).

وحاصل مذهبنا: يكره علو الإمام على المأموم علوًا كثيرًا، وهو ذراع فأكثر، لا عكسه، والكراهة تزول بقصد التعليم؛ لأنه حاجة، وإذا صلى مع الإمام على المكان المرتفع أحد من المأمومين مساويًا، أو أعلى منه: انتفت الكراهة (٤).

قال ابن دقيق العيد: من أراد أن يستدل بهذا الحديث على جواز الارتفاع من غير قصد التعليم، لم يستقم له ذلك؛ لانفراد الأصل بوصف معتبر، تقتضي المناسبة اعتباره (٥).

وفي الحديث: دليل على جواز العمل اليسير في الصلاة، وأنه لا يتقيد بثلاث حركات؛ لأن المنبر كان ثلاث درجات، فإذا نزل لها لا بد من تأخره


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٤٨٦ - ٤٨٧).
(٢) تقدم تخريجه برقم (٨٧٥) عند البخاري.
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ١٠٨).
(٤) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٢/ ٢٩)، و"الروض المربع" للبهوتي (١/ ٢٦٣).
(٥) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>