للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض والسماء، فيقولون: نؤمن كما أخبر، وكما جاء في الأثر، لا كما يخطر للبشر.

وأما علماء الخلف من المؤولين، فيقولون: يراد من الغيرة: غايتها، وهو شدة المنع والحماية من الشيء؛ لأن الغائر على الشيء مانع له، وحامٍ منه؛ فالمنع والحماية من لوازم الغيرة (١).

وأصل الغيرة: الحمية والأنفة، كما في "النهاية" (٢)، انتهى.

وهذا في جانب المخلوق، وأما في الخالق، فليس هي كذلك؛ كما أن قدرة المخلوق وإرادته ليست كقدرة الخالق وإرادته.

والحاصل: أن علماء السلف يسلمون، وعلماء الخلف يؤولون، ولا ريب أن السلامة في التسليم، واللَّه أعلم.

(يا أمة محمد! واللَّه!) فيه: مشروعية الحلف، ولا سيما على الأمر المهول، وإن لم يستحلف (لو تعلمون) أنتم (ما أعلم) أنا من أهوال الآخرة، والجنة، والنار، وما أعد اللَّه لأهل الجنان من النعيم، ولأهل النيران من العذاب الأليم، وتعلمون من عظمة اللَّه وجلاله، وشدة بطشه وانتقامه من أعدائه وأهل معصيته، وعظيم كرمه ورحمته وإحسانه لأوليائه وأهل طاعته، (لضحكتم قليلًا) من فظاعة أمر العذاب والانتقام، وجزالة الثواب والإنعام (ولبكيتم كثيرًا).

في هذا دليل على غلبة الخوف، وترجيح التخولف في الموعظة على الإشاعة بالرخص؛ لما في ذلك من التسبب إلى تسامح النفوس؛ لما جبلت


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ١٤١).
(٢) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٣/ ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>