للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثبوت عدم رفع يديه على المنبر في غير الاستسقاء، فيكون أنس -رضي اللَّه عنه- أراد هذا المعنى، ولا سيما وقد كان عبد الملك أحدث رفع الأيدي على المنبر، وأنس أدرك هذا العصر، وقد أنكر ذلك على عبد الملك غضيف بن الحارث (١).

فيكون أنس أخبر بالسنة التي أخبر بها غيره؛ من أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن يرفع يديه -يعني: على المنبر- إلّا في الاستسقاء، وهذا يشعر بأن الاستسقاء مخصوص بمزيد الرفع؛ وهو الابتهال، كما تقدم، فحينئذ زال الاختلاف من بين الأحاديث، وللَّه الحمد.

تنبيه: المطلوب في رفع اليدين: أن تكون بطونها إلى الأعلى.

قال شيخ الإسلام؛ كما في "مختصر الفتاوى": من ظن أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قصد توجيه ظهر يديه إلى السماء، فقد أخطأ؛ فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا سألتم اللَّه، فاسألوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها" رواه أبو داود من وجوه (٢).

وأما حديث أنس: إنما هو لشدة الرفع انحنت يديه، فصار كفه مما يلي السماء لشدة الرفع، لا قصدًا لذلك، كما جاء: أنه رفعهما حذاء وجهه (٣)، وفي الحديث عن أنس: أنه رآه يدعو بباطن كفيه، وظاهرهما (٤)، فهذه ثلاثة أنواع في هذا الرفع الشديد: رفع الابتهال: يذكر فيه أن بطونهما مما


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ١٠٥).
(٢) رواه أبو داود (١٤٨٥)، كتاب: الصلاة، باب: الدعاء، وابن ماجه (٣٨٦٦)، كتاب: الدعاء، باب: رفع اليدين في الدعاء، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.
(٣) تقدم تخريجه عند النسائي برقم (١٥١٥).
(٤) رواه أبو داود (١٤٨٧)، كتاب: الصلاة، باب: الدعاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>