للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلي وجهه، وهذا أشد ما يكون من الرفع، وتارة يذكر هذا وهذا.

قال: فتبين بذلك أنه لم يقصد في هذا الرفع الشديد لا ظهر اليد، ولا بطنها؛ لأن الرفع إذا قوي، تبقى أصابعهما نحو السماء، مع نوع من الانحناء الذي يكون فيه هذا تارة، وهذا تارة.

وأما إذا قصد توجيه بطن اليد، أو ظهرها؛ فإنما كان يوجه بطنها، وهذا في الرفع المتوسط الذي هو رفع المسألة، التي يمكن فيه القصد، ورفع ما يختار من البطن أو الظهر، بخلاف الرفع الشديد الذي يرى بياض إبطيه، فلا يمكن فيه توجيه باطنها، بل ينحني قليلًا بحسب الرفع، فبهذا تتألف الأحاديث، وتظهر السنة، انتهى (١).

(ثم قال) -صلى اللَّه عليه وسلم-: (اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا) -بالهمز-؛ من الإغاثة، ويقال فيه: غاثه يغيثه، وهو قليل، وإنما هو من الغيث، لا الإغاثة، ومنه الحديث: فادع اللَّه يَغثنا (٢) -بفتح الياء-، يقال: غاث اللَّه البلاد يَغيثها: إذا أرسل عليها المطر (٣).

(قال أنس) -رضي اللَّه عنه-: (فلا واللَّه! ما نرى) -معشر المسلمين من الصحابة- (في السماء من سحاب) جمع سحابة: الغيم، (ولا قزعة)؛ أي: قطعة من الغيم، وجمعها قَزَع، (وما)؛ أي: والحال أنه ليس (بيننا وبين سلع) وهو جبل عند المدينة (٤) (من دار) تحجب عنا رؤية السحاب (ولا بيت) كل ذلك تأكيد لقوله: وما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة؛ لأنه


(١) لم أقف على كلامه -رحمه اللَّه- في "الفتاوى المصرية الكبرى".
(٢) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٩٦٨)، وعند مسلم برقم (٨٩٧/ ٨).
(٣) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٣/ ٣٩٣).
(٤) انظر: "معجم البلدان" لياقوت (٣/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>