للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قضية جابر كانت في الفتح على ما في الترمذي، أو في تبوك كما رواه الشافعي، وكانت بعدما أضحى النهار، والحديث الثاني رواه مرفوعًا على ابن عباس، ومرسَلًا على حُميدِ بن قيس المكي الأعرج، وثورِ بن زيدٍ الديليِّ المدنيِّ.

فأما حديث ابن عباس، ففي البخاري، وأبي داود: بينما رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه، فقالوا: أَبو إسرائيل نذرَ أن يقوم في الشمس، ولا يقعد، ويصومَ ولا يفطر، ولا يستظل ولا يتكلم، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مُروهُ فَلْيَسْتَظِلَّ، ولْيَقْعُدْ، ولْيَتَكَلَّمْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ" (١).

وأما حديثُ حُميد، وثورٍ، فأخرجه مالك في "الموطأ": رأى رجلًا قائمًا في الشمس، الحديث (٢).

فالظاهر من سياق ذلك أنه كان في الحضَر؛ بدليل قوله: وهو يخطب، وأيضًا ساقه في نذر ما لا يجوز، ومع تمام التأمل تعرف المغايرة بين الحديثين من عدة أوجه، واللَّه تعالى أعلم.

(قد ظُلِّلَ عليه)؛ أي: فجُعل عليه شيءٌ يظله من الشمس لما حصل له؛ يعني: جُعل عليه شيء من شدة العطش وحرارة الصوم، وقوله: ظُلِّلَ -بضم الظاء مبنيًا للمفعول-، والجملة حالية (٣)، (فقال) -عليه الصلاة والسلام-: (ما هذا؟)، وللنسائي: "ما بالُ صاحِبِكُم هذا؟ " (٤)، فـ (قالوا)؛


(١) رواه البخاري (٦٣٢٦)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: النذر فيما لا يملك وفي معصية، وأبو داود (٣٣٠٠)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية.
(٢) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٤٧٥).
(٣) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٣٨٥).
(٤) تقدم تخريجه برقم (٢٢٥٨) عند النسائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>