للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "الصحيحين" عنه -رضي اللَّه عنه-، قال: فصام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، [وأفطر، فمن شاء صام] (١)، ومَنْ شاء أفطر (٢).

وفيهما عنه، قال: لا تَعِبْ على من صام، ولا على من أفطر، قد صام رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأفطر (٣).

فائدة:

قال الزركشي، وتبعه صاحب "جمع العدة لفهم العمدة" (٤): "من" في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "ليسَ منَ البِرِّ" زائدة لتأكيد النفي، وقيل: للتبعيض، وليس بشيء، وتعقبه البدر الدماميني، فقال: هذا عجيب؛ لأنه أجاز ما المانعُ منه قائمٌ، ومنعَ ما لا مانع منه، وذلك أن من شروط زيادة "من" أن يكون مجرورها نكرة، وهو في الحديث معرفة، وهذا هو المذهبُ المعوَّلُ عليه، وهو مذهب البصريين؛ خلافًا للأخفش والكوفيين، وأما كونها للتبعيض، فلا يظهر لمنعه وجهٌ؛ إذ المعنى: أن الصوم في السفر ليس معدودًا من أنواع البر، وأما رواية: "ليسَ من امْبِرِّ امْصيام في امسفر" -بإبدال اللام ميمًا في لغة أهل اليمن-، فهي في "مسند الإمام أحمد" (٥).

قال السخاوي في "شرح المفصل" في هذا الحديث: يجوز أن يكون


(١) في الأصل: "وصام من شاء"، والصواب ما أثبت.
(٢) رواه البخاري (١٨٤٦)، كتاب: الصوم، باب: من أفطر في السفر ليراه الناس، ومسلم (١١١٣)، (٢/ ٧٨٥)، كتاب: الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية.
(٣) رواه مسلم فقط دون البخاري بهذا اللفظ (١١١٣/ ٨٩).
(٤) هو الإمام البرماوي، وقد تقدم التعريف به وبكتابه هذا.
(٥) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٤٣٤)، عن كعب بن عاصم الأشعري -رضي اللَّه عنه-. وانظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٣٨٥ - ٣٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>