للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصرح البخاري بأنْه مدرَجٌ من قول يحيى؛ كما أشرنا إليه.

واعترض بعضهم على كونه نصًا: بأن ليس فيه تصريح بأنه من قولها، فالاحتمالُ باقٍ.

وقد كان -عليه الصلاة والسلام- له تسعُ نسوة يقسم لهنَّ، ويعدل، فما تأتي نوبةُ الواحدة إلا بعد ثمانية أيام، فكان يمكنها أن تقضي في تلك الأيام.

وأجيب عن هذا: بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن القسم واجبًا عليه، فهن يتوقعن حاجته في كل الأوقات (١)، مع أن ظاهر كلام علمائنا: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- في وجوب القسم كغيره، وهو الصحيح عند الشافعية.

وقال الإمام الحافظ ابن الجوزي: لا يجب عليه، مستدلًا بقوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} الآية [الأحزاب: ٥١].

قال: فإنها نزلت مبيحةً لترك ذلك، وعلى المعتمد: فيحتمل أن يجاب بأنها كانت لا تصوم إلا بإذنه، ولم يكن يأذنُ؛ لاحتمال احتياجه إليها، فإذا ضاق الوقت، أذن لها (٢).

وفي هذا الحديث: جوازُ تأخير قضاء رمضان، وأنه موسَّع الوقت، وقد يؤخذ منه أنه لا يؤخَّر عن شعبان حتى يدخل رمضانُ ثانٍ (٣).

فإن أخره بلا عذر إلى رمضان ثانٍ، حرم عليه؛ وفاقًا، نص عليه الإمام أحمد، واحتج بهذا الحديث، وعليه أن يطعم عن كل يوم مسكينًا؛ وفاقًا


(١) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٣٨٩)، نقلًا عن "المفهم" للقرطبي (٣/ ٢٠٧ - ٢٠٨).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ١٩١).
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>