للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المحرر" (١)؛ لأن كلاً من الصابون والأشنان والنخالة أبلغ من التراب في الإزالة، فنصه على التراب تنبيهٌ عليها، ولأن التراب جامد أمر به في إزالة النجاسة، فأُلحقَ به ما يماثِلُهُ؛ كالحجر في الاستجمار.

وقيل: لا يُجزئه؛ لأنه طهارة أمر فيها بالتراب، فلم يقم غيره مقامه؛ كالتيمم، ولأن الأمر به تعبد، فلا يقاس عليه غيره.

وقال ابن حامد: إنما يجوز العدول إلى غير التراب عند عدمه، أو إفساد المحل المَغسول به، فأما مع وجوده وعدم الضرر، فلا (٢).

الرابع: مثل الكلب الخنزيرُ والمتولَّدُ منهما، أو من أحدهما في ذلك على المذهب فعينُ هَؤلاءِ نَجِسة؛ خلافاً لمالك، فأما نجاسة عين الكلب، فلنجاسة ما ولغ فيه، فإذا ثبت نجاسة فمه من نجاسة لعابه، فإنه جزء من فمه، وفمه أشرف ما فيه، فبقية بدنه أولى كما أشرنا إليه آنفاً، و- أيضاً - إذا كان لعابه -وهو عَرَق فمه- نجساً، ففمه نجس؛ لأن العرق جزء متحلِّبٌ من الفم، فجميع عرقه نجس، فجميع بدنه نجس.

وأما الخنزير، فقال الإمام أحمد: هو شرٌّ من الكلب (٣)؛ لقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥] الرجس: النجس، قال الماوردي: الضمير في قوله: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} عائد على الخنزير؛ لكونه أقرب مذكور، ونازعه أبو حيانَ فقال: عائد على اللحم؛ لأنه إذا كان في الكلام مضاف ومضاف إليه، عاد الضمير إلى المضاف؛ لأن المضاف هو


(١) انظر: "الفروع" لابن مفلح (١/ ٢٠٤)، و"الإنصاف" للمرداوي (١/ ٣١٢).
(٢) المرجعان السابقان.
(٣) انظر: "الإنصاف" للمرداوي (١/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>